استثمار التطور الإلكتروني في إبراز دور العوائد البترولية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول المجلس والمحافظة على البيئة


بحث

استثمار التطور الإلكتروني في إبراز دور العوائد البترولية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول المجلس والمحافظة على البيئة


د.عبدالله بدران

ملتقى الإعلام البترولي الأول لدول مجلس التعاون

وزارة النفط – الكويت

25-26 مارس 2013



أولا – المقدمة  
   
     يعتمد نجاح الإعلام البترولي في تحقيق أهدافه ، والوصول إلى الشرائح المجتمعية المنشودة ، وإحداث التأثير المطلوب ، على الكيفية التي يعالج بها القضايا المرتبطة بهذه الصناعة الحيوية ، والقدرة على الاستفادة من جميع وسائل الإعلام المتاحة ، والاستخدام المتميز للأشكال المختلفة والاستمالات المتنوعة عند مخاطبته الجمهور المستهدف .
 ومعنى ذلك كله أن هناك تحديا كبيرا أمام القائمين على الإعلام البترولي لتحقيق ما يصبون إليه من توجيه شرائح المجتمع وتثقيفها ، وتوضيح الحقائق الأساسية عن البترول وما يرتبط به ، وربط هذه الصناعة بمجالات الحياة الأساسية للبشرية.
        ويساعد التنوع والمزايا التي تتمتع بها وسائل الإعلام على تحقيق الإعلام البترولي الأهداف المنشودة منه ، وعلى إيصال الرسائل المختلفة التي ينشد القائمون على هذا الإعلام بلوغها الشرائح المستهدفة وإحداث التأثير المطلوب.
     وتسهم المعارف العلمية الحديثة والتقنيات المتطورة في توسيع رقعة انتشار وسائل الإعلام وتنوعها ، ووصولها إلى جميع الشرائح مهما بعدت مناطقهم ، واختلفت طبقاتهم ، ومهما كانت عليه حالهم ، ومهما كانت الظروف الجوية المحيطة بهم.
 وهذا الأمر يتيح للقائمين على القضايا البترولية استخدام الوسيلة الإعلامية المناسبة للرسالة الإعلامية التي يريدون إيصالها ، وللأنشطة التي يروجون لها ، وللاتجاهات التي ينشدون إحداثها ، وللشريحة المراد الوصول إليها، وتوظيف هذه الوسيلة في إطار الأفكار المستهدفة والاستمالات الإقناعية المستخدمة بما يزيد من فعالية وتأثير تلك الرسالة.

ثانيا- دور وسائل الإعلام التقليدية
    عند الحديث عن وسائل الإعلام فإننا سنقسمها إلى وسائل تقليدية، وحديثة.  ولا يعني ذلك أن الوسائل الحديثة طغت على الأولى أو حلت محلها؛ بل يعني أنها حديثة زمنيا مقارنة بالوسائل التقليدية التي تمتد قرونا عدة.  وبناء على ذلك فإننا نعني بوسائل الإعلام التقليدية الصحافة والإذاعة والتلفزيون.
    وسنتناول بصورة سريعة دور تلك الوسائل في الموضوع الذي ستتناوله هذه الجلسة وهو( إبراز دور العوائد البترولية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدول المجلس والمحافظة على البيئة)، ثم نتطرق بنوع من التفصيل إلى الدور الذي تقوم به وسائل الإعلام الحديثة (الإلكترونية) بهذا الصدد.

إن استخدام الوسائل التقليدية لا يختلف اختلافا كبيرا عما تؤديه نظيرتها الحديثة، إذ إن كلا منهما تؤدي دورا فاعلا، لكن المميزات التي يتصف بها كل من النوعين هي التي تعطي ذلك الفارق في الدور والأهمية.
    فالوسائل التقليدية تتيح للقارئ السيطرة أكثر على ظروف التعرض، وقراءة الموضوعات النفطية أكثر من مرة، مع منحه حرية أكبر في التخيل وتوزيع الظلال والتفسيرات، ومخاطبة جميع شرائح المجتمع والاتصال بالجماهير النوعية المتخصصة بنشر الموضوعات والمقالات العلمية والبترولية والاقتصادية المتخصصة، إضافة إلى وجودها في كل بيت واعتبارها كأنها فرد من أفراد العائلة (التلفزيون).

ثالثا- وسائل الإعلام الحديثة
       شهد العالم قفزات علمية متسارعة في العقود الثلاثة الأخيرة ، وصار العلم يتحفنا كل يوم باختراع جديد وإنجاز باهر وتطور مثير ، وغدت مواكبة كل جديد في دنيا العلم والمعرفة أمرا ضروريا لكنها في الوقت نفسه صعبة المنال.
 وعند الحديث عن وسائل إعلامية حديثة في الإعلام البترولي ، فإن هذه الحداثة تعد أمرا نسبيا ، أي إنها حديثة في هذه الأيام ، لكنها قد تصبح أمرا مألوفا وعاديا خلال سنوات قليلة ، وقد تأتي وسائل أحدث تحل محلها ، وتجعل منها وسائل تقليدية.
 وأهم وسيلة حديثة يمكن الإفادة منها في الإعلام البترولي هي شبكة الإنترنت وتطبيقاتها المتعددة والمستمرة، كالمواقع الإلكترونية، ومواقع التواصل الاجتماعي، التي صارت أمرا أساسيا في شتى أنحاء  العالم ، وأمرا مألوفا لدى معظم الأفراد في تلك الدول، وبخاصة لدى الشرائح العمرية التي تتراوح بين 15 و45 عاما.
    وجعلت هذه الشبكة العنكبوتية العالم قرية صغيرة ، يتواصل أفرادها معا بكل يسر وسهولة ، وينهلون من شتى المعارف والعلوم وهم قابعون وراء حواسيبهم الشخصية ، ويطلعون على أحداث العالم الآنية والماضية بالصوت والصورة ، ويمارسون حقهم في الإدلاء برأيهم وتعليقاتهم على المواضيع المطروحة للرأي العام.
   وهذه الشبكة ( وتطبيقاتها المتعددة) تعد منبرا متميزا للإعلام البترولي، ووسيلة مهمة للوصول إلى أهدافه، ومن ثم أهداف الدول المنتجة في مجلس التعاون الخليجي؛ فبواسطتها تصل الرسائل الإعلامية البترولية إلى معظم من يتعاملون مع الإنترنت وتطبيقاتها ومواقعها، وتبلغ آفاقا لم يكن من السهل بلوغها سابقا ، مستفيدة من المميزات الكثيرة التي تتيحها ، ومنها الترجمة إلى لغات عالمية أو محلية ، والبث بالصوت والصورة ، واستقبال ردود الأفعال والتعليقات ، وكون المستقبل (الجمهور) صانعا للمعلومة بدلا من الاكتفاء بالتلقي والاستقبال.
 وأهم ما يمكن الإفادة منه من الإنترنت وتطبيقاتها هو المواقع البترولية الرسمية والخاصة، ومواقع التواصل الاجتماعي،  التي تبث مواد خبرية مختلفة عن البترول وشؤونه ، وتنشر تقارير دورية عن هذه الصناعة الحيوية.
  ويقصد بمواقع الإنترنت الرسمية تلك المواقع التابعة لجهات حكومية في البلدان المنتجة للنفط أو المستهلكة له ، أما المواقع الخاصة فهي المواقع التابعة لمنظمات خاصة أو لشركات النفط أو لمؤسسات اقتصادية و إعلامية مختلفة، وأحيانا تكون ملكيتها لأفراد معينين يسعون إلى تحقيق فائدة مادية من إنشاء مثل هذه المواقع ومتابعتها.
 وعلى الرغم من انتشار هذه المواقع وسهولة الوصول إليها ، بسبب انتشار شبكة الإنترنت في شتى أنحاء العالم ، واعتماد شريحة كبيرة من المجتمعات عليها ، فإن دقة بيانات ومعلومات وأخبار هذه المواقع لا تزال محل نظر ، ومن ثم فإن الاعتماد عليها بصورة كلية – دون التثبت من صحة البيانات ودقتها – أمر محفوف بالمخاطر .
وثمة أمور تلفت النظر في مواقع الإنترنت الخاصة بنشر المعلومات والبيانات المتعلقة بالصناعة النفطية هي:
-       بروز مواقع تجارية توفر للباعة والمشترين أحدث المعلومات، وذلك من أجل ترغيب الطرفين في البيع والشراء بوساطة إلكترونية، ومن ثم استفادة أصحاب المواقع في كسب أكبر عدد ممكن من الشركات، متذرعين بالشفافية والسرية من جهة، وبسهولة التعامل مع جهات عدة من جهة أخرى.
-        قيام النشرات النفطية المتخصصة ووكالات الأنباء باستحداث مواقع لها على الإنترنت تنشر الأخبار البترولية. والوضع السائد في هذه المواقع عموما هو محاولة هذه المصادر التقليدية للأخبار وضع موطئ قدم لها على هذه الساحة الجديدة كي لا يفوتها القطار. ويتم في هذا الوضع اختيار أخبار مهمة ولكن محدودة الكمية والنوعية ، لأن الهدف النهائي من الموقع هو ترغيب المشاهد بالنشرة والوكالة وتعريفه بها، لا تزويده بجميع الأخبار المتوفرة أو المهمة منها بالذات.
-        تأسيس مواقع إلكترونية إعلامية بترولية ذات اشتراكات بسيطة نسبيا على أساس أن كلفة الموقع وأجور العاملين فيه ستدفع من ريع الإعلانات. والمشكلة الأساسية في هذا النوع من المصادر الإعلامية هو اعتمادها الكلي على المصادر التقليدية للمعلومات، وعدم توفر الإعلاميين المتخصصين والمتفرغين للحصول على المعلومات الجديدة والأساسية. لذا تعتمد هذه النشرات الإلكترونية على نقل الأخبار من مصادر أخرى ، أي القيام بعملية تجميعية، فهي تلتقط إلكترونيا الأخبار من مختلف المصادر وتبوبها، وتستطيع تنفيذ ذلك بأبسط التكاليف. لكن المشكلة أيضا في الوسائل الجديدة هي عدم وجود هيئة تحرير متمرسة تقرأ الخبر بإمعان، وتحلله وتدققه قبل بثه على الإنترنت، ومن ثم لا يعرف القارئ جودة الخبر ودقته عند قراءته.


رابعا- بيانات ومعلومات إحصائية
     تظهر الإحصائيات التي تنشرها الجهات والهيئات المتخصصة بعدد متابعي ومتصفحي مواقع الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي حدوث زيادة هائلة في تلك الأعداد، ووجود طفرة واضحة في الانتقال من بعض وسائل الإعلام التقليدية إلى تلك الوسائل الحديثة، نظرا للميزات الكثيرة التي تتمتع بها.
  وعلى سبيل المثال ، فإن عدد مستخدمي تويتر في الكويت من بين الذين يستخدمون هواتف ذكية بلغ  85 في المئة، وهي نسبة كبيرة إذا ما قورنت بعدد سكان دولة الكويت، وهو أكبر معدل في العالم ، وبلغ عدد رسائل تويتر في اليوم الواحد في الانتخابات الأمريكية الأخيرة 31 مليون رسالة لتأييد الرئيس أوباما وعرض آخر أخبار حملته الانتخابية.
  وتظهر تلك الإخصائيات أن عام 2012 كان استثنائيا بالنسبة لمستخدمي تويتر إذ بلغ عددهم حتى أواخر ذلك العام نحو 200 مليون مستخدم، بمعدل 400 مليون تغريدة يوميا. أما على الصعيد العربي فهناك أكثر من17 مليون تغريدة باللغة العربية يوميا، بمعنى أن هناك كل شهرين نحو مليار تغريدة باللغة العربية.
  أما موقع التواصل الشهير (فيسبوك) فيشهد أيضا انتشارا كبيرا، وعلى سبيل المثال فقد أعلن القائمون على الموقع في أكتوبر الماضي أن عدد مستخدميه بلغ نحو مليار مستخدم، ،وأنه جرى خلاله عبر السنوات الثلاث الأخيرة أكثر من 140 مليار اتصال بين الأصدقاء، و
أكثر من 219 مليار صورة مرفوعة في الموقع.

    أما في الوطن العربي فتظهر الإحصائيات أن عدد مستخدمي فيسبوك يبلغ نحو 50 مليون شخص في نهاية 2012 ، بزيادة قدرها الضعف عن نهاية عام 2011، وبواقع ثلاثة أضعاف منذ يونيو 2010.
     أما مواقع الإنترنت للمؤسسات والشركات والأفراد، وحسابات الأشخاص على البريد الإلكتروني على مواقع الهوتميل والياهو والجيميل وغيرها من المواقع المضيفة فلا يكاد يبعد عنها إلا نسبة ضئيلة من الأفراد في أي مجتمع يستخدم هذه الشبكة العنكبوتية.
   إن ذلك كله يظهر أن الإعلام الحديث بات لاعبا أساسيا في حياة الأمم والمجتمعات، وعنصرا لا غنى عنه للدول والمؤسسات العامة والخاصة، وللأفراد – على اختلاف تياراتهم وأهدافهم- في التواصل ونقل المعرفة والتأثير وتبادل الرؤى والتوجهات والأفكار، والترويج والدعاية والتسويق، والتنمية والتطوير والرفاهية.


خامسا- مميزات استخدام الإعلام الحديث
      تمتلك وسائل الإعلام الحديثة إمكانات عدة، وتتمتع بمميزات كثيرة لاستخدامها في تعزيز مكانة ودور الصناعة البترولية بصورة عامة، ولزيادة العوائد البترولية والمحافظة على البيئة بصورة خاصة، ومن أهم تلك الإمكانات والمميزات:

1.  تعزيز مستوى الشفافية في المعلومات البترولية الموزعة والمنشورة والمتاحة أمام الرأي العام، ما يؤدي إلى اتخاذ قرارات دقيقة ومحسوبة، واتخاذ الجهات المعنية نوعا من الرقابة الذاتية على كل المعلومات المعلنة.
2.  تعزيز تدفق المواد الإخبارية البترولية لوسائل الإعلام المعنية في دول المجلس، سواء من الدول المستهلكة أو من الدول المنتجة الخليجية والعربية والعالمية، ووضع تلك الوسائل في صورة ما يجري من تطورات في هذه الصناعة الحيوية.
3.  الانتشار الفوري للمواد الإخبارية أو التعليقات وردود الأفعال حيال كل ما يتعلق بالصناعة البترولية وتأثيراتها على كل المجالات ومنها البيئة، بسبب صفة الفورية التي تتمتع بها تلك الوسائل.
4.  قياس الردود الفعلية والانعكاسات المباشرة للجمهور (الأفراد والدول والمنظمات) في شتى أنحاء العالم حول أي تطور يحدث في الصناعة البترولية، كالأسعار والحوادث البشرية والكوارث الطبيعية والمشكلات البيئية.
5.  زيادة جذب الانتباه للرسالة الإعلامية البترولية ، و تدعيم الفكرة البترولية المتضمنة في الرسالة وترسيخها في ذهن المتلقي بالعديد من المشاهد الحية والمصورة والتعليق المؤثر الفعال والمؤثرات الصوتية واللونية والحركية.
6.  تعدد وتنوع الأشكال والقوالب التي يمكن بها تقديم الرسالة الإعلامية البترولية، مثل التعليقات السريعة، والأفلام القصيرة، واللقطات الفيديوية التي تستمر عددا من الثواني أو الدقائق، إضافة إلى المواد الإخبارية الطويلة ، كالتقارير والنشرات والأشكال البيانية والجداول التوضيحية.
7.  المرونة في عرض الرسالة الإعلامية البترولية ، خاصة مع تعدد الأشكال والقوالب والبرامج، والاستفادة من قصر المدة الزمنية للرسالة الإعلامية والمؤثرات التي ترافقها، وتكرار بثها، وتناقلها بسرعة بين مستخدمي وسائل الإعلام الحديثة.
8.   المساهمة في تشكيل الوعي البترولي في دول الخليج بهدف المساهمة في تعزيز وعي المواطنين بالصناعة النفطية وما يرتبط بها، وتعزيز نشر الثقافة النفطية لدى الجمهور ، وتعريفه بأهم الأمور المرتبطة بهذه الصناعة الحيوية.
9.  تعزيز المعلومات لدى الجمهور بما يسهم في إطلاعهم على الدور الذي يؤديه البترول ، صناعة وعوائد، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في دول الخليج، ودوره في دعم النظام الاقتصادي والتجاري والنقدي فيها.
10.  متابعة كل ما ينشر في وسائل الإعلام العالمية عن الإجراءات والقرارات التي قد تتخذها دول أو منظمات معينة ضد الدول الخليجية بخصوص الصناعة البترولية، ويكون من شأنها الإضرار بعملية التنمية في هذه الدول، تمهيدا لاتخاذ الدول الخليجية الإجراءات اللازمة التي تحد من تلك الأضرار أو تتلافاها.
11.  استخدامها في مجال تنظيم حملات إعلامية محلية أو إقليمية لتبيان أهمية الصناعة البترولية في تعزيز التنمية في دول مجلس التعاون، وضرورتها في دعم جميع المجالات التي تهم المواطنين وتمس شؤون حياتهم اليومية ومستقبل الأجيال.
12.   استخدامها في الرد على الحملات الإعلامية المتجنية التي دأبت الدول الغربية على شنها ضد الدول الخليجية منذ مطلع السبعينيات متهمة إياها بتخريب اقتصاداتها والتسبب في كل مصائبها من تضخم وبطالة وكساد ، ومتعمدة تشويه دور هذه الدول وطمس جهودها الحقيقية من أجل التنمية الشاملة.
13.  استخدامها للوصول إلى المواطن الغربي في الدول الغربية المختلفة؛ لتعريفه بالدور المهم الذي تقوم به الصناعة البترولية الخليجية في دعم التنمية في العالم، وفي المسؤولية المجتمعية لشتى الشرائح المستهدفة، وفي الحفاظ على البيئة، وتصحيح المفاهيم المغلوطة لديه.
14.  استخدامها في تعميق النظرة الدولية للقضايا البترولية وشؤون البيئية المرتبطة بها، باعتبارها تهم المجتمع الدولي بأسره ، ولا تقف عند إقليم ما ، أو ترتبط بمنطقة معينة.
15.  الاستناد إلى وسائل الإعلام الحديثة في مجال تبني رؤية تستند إلى الإحساس بالمسؤولية المشتركة بين الجمهور والحكومات الخليجية، انطلاقاً من أن هذه السلعة إحدى الركائز الأساسية للنهوض الاقتصادي والتنمية في تلك الدول.
16.  استخدامها في مجال الربط المستمر بين إمكان تحقيق التنمية المستدامة والاستغلال المفيد للطاقة المعتمدة على البترول في الدول الخليجية.
17.  نقل وجهات النظر العلمية حول النظريات المطروحة التي تتناول آثار البترول في تدهور البيئة ، ولاسيما انبعاثات ثاني أكسيد الكريون وارتباطها بظاهرة تغير المناخ ، والاستناد إلى أكثر تلك الآراء والنظريات صحة ومنطقية وموضوعية.
18.  استخدامها في تيسير المعرفة البيئية وكشف الحقائق المتصلة بالمشكلات البيئية وخطورتها، ومد المواطنين بكل المعلومات التي تساهم في المحافظة على سلامة المحيط البيئي الذي يعيشون فيه.
19.  تكوين اتجاهات إيجابية نحو البيئة تسهم في تبني المواقف التي يتخذها الفرد إزاء بيئته ، من حيث استشعاره لمشكلاتها، واستعداده للمساهمة في حلها، وتطوير ظروف البيئة على نحو أفضل.
20.  تصحيح بعض المقولات والتصورات القاصرة في معالجة قضايا البيئة، ومن ذلك النظر لقضايا البيئة على أنها تعني مظاهر التلوث ومصادره فقط. وكذلك مقولة أن التنمية تؤدي بطبيعتها إلى إهدار المصادر البيئية أو تلوث البيئة، فمن المهم الربط بين البيئة والتنمية، إذ إن تنمية البيئة وتطويرها وتحسينها يتيح الفرصة لأجيال الحاضر والمستقبل في حياة أفضل .


سادسا- الخاتمة
   على الرغم من الأهمية الكبيرة للإعلام البترولي ، والدور الكبير المنشود منه ، فإنه لم يأخذ حظه من البحث والدراسة في الدول التي تنتج هذه السلعة الحيوية وتصدرها، ولاسيما الدول الخليجية، ولم يول الاهتمام المطلوب على صعيد تلك الدول ومؤسساتها المعنية بالبترول ومنتجاته، في حين استفادت الدول الغربية من مميزات هذا الإعلام المتخصص وخصائصه ، وسخرتها لخدمة مصالحها وتحقيق أهدافها وتلبية متطلباتها.
   ويتبين من البحث أهمية وسائل الإعلام الحديثة المستخدمة في ميدان الإعلام البترولي في كل المجالات التي تهم تلك الدول ، والاستفادة من كل الإمكانات التي تتمتع بها، والمميزات التي تتسم بها لتحقيق أهدافها المنشودة.

    ويجب على القائمين على الإعلام البترولي في الدول الخليجية متابعو كل التطورات الحاصلة في ميدان الإعلام، والتقنيات المستخدمة فيه، من أجل تعزيز الدور الذي يقوم به الإعلام البترولي في ميدان التنمية الشاملة في تلك الدول، وتوضيح الأهمية المنشودة من الصناعة البترولية في تطور تلك الدول ونهضتها ورفاهية أبنائها.

الإعلام البترولي والأسعار..أي إعلام نريد ؟


د. عبدالله بدران
   
    منذ أن بدأت أسعار النفط بالتراجع في الأسواق العالمية قبل نحو أربعة أشهر، ازداد ظهور المحللين النفطيين والاقتصاديين في وسائل الإعلام كافة للحديث عن أسباب ذلك الانخفاض وتداعياته على الدول المنتجة والمستوردة، واحتمال وجود مؤامرات مختلفة بهذا الصدد بين عدد من الدول العربية والإقليمية والعالمية، ومآلات ذلك كله على الأوضاع السياسية والاقتصادية وحتى الاجتماعية في عدد من مناطق العالم.
    وكان اللافت في هذا الشأن هو الإعلام العربي الذي أخذ ينقل تلك التحليلات ، ويبث اللقاءات تلو اللقاءات ، مع كل ما تتضمنه من تناقضات في معظم الأحيان ، ومعلومات مكررة ومتداولة يعرفها المتخصص وغير المتخصص ، فيما حملت بعض الآراء أفكارا لا يمكن قبولها ولا التسليم بها بل يمكن اعتبارها محض خيالات وأحلام؛ لأنها لا تستند إلى أي دليل علمي ، ولا تعتمد أي منهج منطقي مقبول.
 صحيح أن وسائل الإعلام يجب أن تأخذ بعين الاعتبار كل الآراء في برامجها ، وتقف حيادية حيال تحليل أصحابها ورؤيتهم للأحداث ، احتراما لسماتها المهنية من حيث الموضوعية والنزاهة، لكنها في الوقت نفسه يجب ألا تسمح للأفكار السطحية بالانتشار، ولا لأصحابها ذوي الضحالة الفكرية والتحليلية والمعرفية بالظهور.
     من هنا ننطلق إلى الدور الذي كان على الإعلام البترولي ، وأخص في هذه المقالة الإعلام البترولي في الوطن العربي، أن يؤديه في موضوع انخفاض أسعار النفط الذي صار حديث الساعة ، والمحور الأساسي للمنتديات والمؤتمرات الاقتصادية والسياسية والنفطية إقليميا وعالميا.
    فالناظر إلى حال الإعلام البترولي في الوطن العربي – بشقيه الإعلام المرتبط بوزارات النفط والمؤسسات النفطية الحكومية أو الصادر عن القطاع الخاص ، سيجد أن التعامل مع هذا الموقف ساده اضطراب شديد في التعامل مع الزخم الإخباري الوارد بشأن مشكلة أسعار النفط من جهة ، أو البساطة والضعف في الطرح والاهتمام من جهة أخرى . ويمكن استثناء قلة قليلة من وسائل الإعلام التي كانت تغطيتها أكثر نضجا وشمولية. ولعل هذا الأمر يقدم صورة واضحة وجلية عن حال الإعلام البترولي في الوطن العربي .
    وإذا كنا للإعلام البترولي الخاص ظروفه وقيوده فإن العتب ينصب على الإعلام البترولي الرسمي الذي غاب المتحدثون الرسميون فيه عن هذه الأزمة ، كما غاب في معظم الأحيان المحللون المتميزون العاملون في القطاع الحكومي – وزارات النفط والمؤسسات النفطية الكبرى وحتى أوابك – عن وسائل الإعلام ، فلم تصل المعلومات السليمة في أوانها ، لم يدرك الجمهور العربي حقيقة الوضع أو بعض الحقائق على الأقل ، ولم يعرف مآلات انخفاض الأسعار وتداعياته ، وظل أسير تحليلات عامة وآراء متناقضة
      ويمكن القول – مع مزيد من الأسف – إنه على الرغم من الأهمية الكبيرة للإعلام البترولي ، والدور الحيوي المنشود منه ، فإنه لم يأخذ حظه من البحث والدراسة في الدول العربية التي تنتج هذه السلعة الحيوية وتصدرها، ولم يول الاهتمام المطلوب على صعيد تلك الدول ومؤسساتها العريقة المعنية بالبترول ومنتجاته، ولم يتطور التطور المأمول في ضوء التطورات الكبيرة التي شهدها الإعلام ، في حين استفادت الدول الغربية والمتطورة من إمكاناتها الإعلامية وخبراتها المهنية ، فاستطاعت تسخير الإعلام البترولي لخدمة مصالحها وتحقيق أهدافها.
     إن الإعلام البترولي المنشود في الدول العربية ليس مجرد أخبار تنشرها الصحف والمجلات ، ولا صور تبثها محطات التلفزيون ، ولا رسائل تتبناها الحملات الإعلامية ، ولا محاضرات توعوية تلقى أمام شرائح المجتمع ، ولا تحليلات من معنيين بالشأن النفطي والاقتصادي ، بل هو عمل منظم تشارك فيه أكثر من جهة ، ويرمي إلى تحقيق أهداف عدة ، يرنو إليها القائمون عليه ، ويتطلع إلى إنجازها واضعو خططه المدركون لأهمية الأدوار المنوطة به. وهذه الأهداف تعبر عن مبادئ ورؤى وخطط القائمين على الإعلام البترولي ، لاسيما في الجهات الرسمية، وتنطلق من تطلعاتهم وتصوراتهم وأفكارهم ، وتنسجم مع الأسس المهنية المتعارف عليها في علم الإعلام.
   لاشك في أن الإعلام البترولي عربيا يعد ظاهرة حديثة وجدت في أواسط السبعينيات ؛ فقبل ذلك لم يكن في الوطن العربي إلا عدد قليل جدا من الباحثين والإعلاميين يتابع القضايا البترولية ، ويتحدث عن أهمية هذه السلعة الحيوية وضرورة الاهتمام بها. و حداثة الإعلام البترولي ربما تعتبر من الأسباب الرئيسية لعدم وجود إعلاميين عرب متخصصين في القضايا البترولية ، هذا إذا استثنينا العدد القليل من الاقتصاديين العرب الذين أسهموا على مدى السنوات الماضية في تقديم دراسات علمية عن الصناعة البترولية بمختلف جوانبها. لكن هذا الأمر تغير في السنوات الأخيرة إذ أخذ الاهتمام بالإعلام البترولي يشهد ازديادا مطردا في وسائل الإعلام المختلفة ، وخصصت عدد من الدول العربية إدارات خاصة بهذا الإعلام المتخصص في وزارات الطاقة والنفط فيها. لكن يبقى هذا النوع من الإعلام المتخصص بحاجة إلى المزيد من التطوير والتدريب والاهتمام.
    وحسب علم الكاتب فإن هنالك نقصا شديدا بل مخجلا في الدراسات والكتب التي تطرقت إلى الإعلام البترولي العربي ، فلا يوجد بهذا الصدد سوى كتابين أحدهما أصدرته منظمة (أوابك)  قبل نحو ثلاثة عقود ، والآخر أصدره الكاتب قبل أربعة أعوام ، كما تفتقد المكتبة العربية لأي رسالة ماجستير أو أطروحة دكتوراه متخصصة في الإعلام البترولي ، إضافة إلى قلة – أو غياب - الصفحات في الصحف أو المساحات البرامجية التلفازية المخصصة لذلك الإعلام ، أو الدورات التدريبية المتخصصة.

  نحو نهضة إعلامية بترولية
    لاشك في أن الإعلام البترولي العربي يعاني  - كغيره من أنواع الإعلام المتخصص – صعوبات كثيرة ، ويواجه معوقات عديدة في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة منه ، وأداء الدور المنوط به .  ويمكن الحديث بهذا الصدد عن معوقات مهنية تتعلق بالقائم بالاتصال (الإعلامي) والرسالة الإعلامية المتميزة والبيانات والمعلومات الضرورية ، ومعوقات مالية وإدارية . وبصورة عامة يمكن الحديث عن الأسس التي تستهدف النهوض بهذا النوع من الإعلام المتخصص في الدول العربية ، وتعزيز دوره ، وترسيخ مكانته.
 وتتمثل هذه الأسس في الأمور الآتية:

·   أن تتوافر لدى المسؤولين عن الصناعة البترولية والإعلام البترولي عزيمة صادقة وصحيحة للاهتمام الشديد بمعالجة القضايا النفطية والاعتراف بمواقع القصور والسعي إلى معالجتها.
·        اتباع سياسات وطنية تعزز التطوير المنهجي والمنظم للبنية الأساسية للإعلام البترولي.
·   إنشاء مؤسسات إعلامية بترولية في الدول المنتجة للبترول والمصدرة له لإعداد إعلاميين بتروليين على مستوى عالٍ من الكفاءة والمهارة.
·   إنشاء مكاتب إعلامية بترولية في الدول الصناعية المستوردة للنفط لمتابعة ما يكتب عن الإعلام البترولي العربي والسعي إلى الرد على هذه الكتابات وتوضيح الحقائق للرأي العام الغربي.
·        ضرورة التعاون العربي في مجال الإعلام البترولي ، وضرورة الاعتماد المتبادل في ضمان مصلحة البشرية.
·   ضرورة الإدراك العميق لدى الإعلامي البترولي للجوانب الفنية والاقتصادية والأبعاد السياسية لصناعة النفط والغاز، ودورها في توفير الطاقة اللازمة للنمو الاقتصادي ، ومن ثم أبعادها الاستراتيجية على صعيد المصالح السياسية لبلدان العالم.
·   توفير المعلومات الدقيقة والبيانات الكافية للإعلاميين البتروليين العرب وإعطاء الحرية اللازمة لهم للكتابة عن القضايا النفطية والدفاع عن المصالح العربية.
·   ربط الإعلام البترولي العربي بخطط التنمية بتشعباتها وآثارها وآفاقها على الصعيد الداخلي ، وجعله عنصرا رئيسيا من عناصر المصالح الحيوية للدول المنتجة ، بما في ذلك أمنها واستقرارها
·   تعزيز دور الإعلام البترولي العربي في التوعية العامة للأهمية الاقتصادية للبترول، وبخاصة علاقته بالاقتصاد الوطني ككل، وارتباطه بمجالات الحياة الحيوية.
·   التنسيق بين المطبوعات الخاصة بالمعلومات والبيانات البترولية الصادرة عن الدول العربية ، وإتاحة هذه المعلومات للإعلاميين البتروليين العرب.
·        التعاون بين المؤسسات البترولية ووسائل الإعلام العربية لتوفير تغطية إعلامية مناسبة لجميع القضايا البترولية.
·        عقد دورات تدريبية متخصصة للإعلاميين البتروليين العاملين في القطاعين العام والخاص يقدمها خبراء معنيون بالإعلام والثقافة النفطية.

الإعلام البترولي في الوطن العربي الآفاق والتحديات


د. عبدالله بدران

بعد أن كثرت مجالات الحياة وتشعبت ميادينها وتطورت حقولها ، صار التخصص في مجال ما أمرا لا غنى عنه ولا حيدة عن الخوض فيه ، سعيا نحو الإبداع في هذا المجال والإلمام بكل ما يرتبط به ، وتطوير آفاقه ، والتركيز على جميع تفاصيله وجزئياته.
 وانطلاقا من ذلك نشأت الحاجة إلى وجود أنواع من الإعلام المتخصص في ميادين تطلبت ذلك الأمر ، وبات أمرا حيويا لها ، وضروريا لفهم مكوناتها وأقسامها وموضوعاتها فهما عميقا شاملا ، كالإعلام الاقتصادي والرياضي والأمني والعسكري والبيئي.
 والإعلام البترولي هو نوع من الإعلام المتخصص يستهدف صناعة تعد من أهم الصناعات الحيوية في العالم ، إذا لم تكن أهمها على الإطلاق ، ويرتبط بميدان ساهم في تطور البشرية ورقيها وتقدمها ، وساعد على النهوض بالأمم والمجتمعات ، وزيادة ترابطها وتلاقيها ، وتعزيز الصلات فيما بينها.
 وعلى الرغم من الدراسات الكثيرة التي تطالب بإحلال الطاقات البديلة (المتجددة) بدلا من الوقود الأحفوري (النفط والغاز والفحم الحجري) ، والاستثمارات الكبيرة التي وجهت إلى هذه الطاقة ، والتوقعات باحتمال نضوب النفط والغاز بعد مدة زمنية قصيرة ، والدعوات إلى الحد من استخدام البترول ومنتجاته في ميادين الصناعة والنقل والمواصلات ، فلا تزال هذه السلعة الحيوية تؤدي دورا لا غنى عنه في عدد من مجالات الحياة الأساسية ، ولا تزال التوقعات العلمية الموضوعية تشير إلى وجود احتياطيات كبيرة منها.
    وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة للإعلام البترولي ، والدور الكبير المنشود منه ، فإنه لم يأخذ حظه من البحث والدراسة في الدول التي تنتج هذه السلعة الحيوية وتصدرها، ولاسيما العربية ، ولم يول الاهتمام المطلوب على صعيد تلك الدول ومؤسساتها المعنية بالبترول ومنتجاته، في حين استفادت الدول الغربية من مميزات هذا الإعلام المتخصص وخصائصه ، وسخرتها لخدمة مصالحها وتحقيق أهدافها وتلبية متطلباتها .

   النشأة والمسيرة
      لا يمكن للباحث أن يعرف بصورة دقيقة تاريخ ظهور أول وسيلة إعلامية متخصصة بالبترول وقضاياه ، أو أولى المواد الإعلامية التي نشرت عن هذا المجال ، وإن كانت الصحف هي الوسيلة الإعلامية الأولى التي شهدت التركيز على تلك القضايا.
   ويمكن القول إن الإعلام البترولي بدأ بداية متواضعة في منتصف القرن العشرين عندما أخذت وسائل الإعلام الغربية تبث وتنشر مواد خبرية عن كل ما يتعلق بالبترول ، بعد أن أخذت هذه الصناعة الحيوية بالازدهار والانتشار ، وغدا البترول سلعة لا يمكن الاستغناء عنها في القطاع الصناعي الذي كان يشهد حينذاك فورة هائلة في الإنتاج ، وحينما ازداد عدد وسائل النقل والمواصلات بصورة كبيرة جدا.
   ولم يحظ الإعلام البترولي بانتشار واسع واهتمام بالغ في ذلك الوقت ، لأن الشركات الدولية حينذاك كانت تقرر أسعار النفط ، وكانت الأسعار ثابتة تقريبا ، وفي الوقت نفسه كانت ميزانيات الدول المصدرة للنفط محددة بالريع البسيط الذي تدفعه تلك الشركات للحكومات ، وكان من المعروف - إلى حد كبير – الدخل السنوي من النفط.
وفي الوطن العربي فإن الإعلام البترولي يعد ظاهرة حديثة وجدت في أواسط السبعينيات. وقبل ذلك لم يكن في الوطن العربي إلا عدد قليل جدا من الباحثين والإعلاميين يتابع القضايا البترولية ، ويتحدث عن أهمية هذه السلعة الحيوية وضرورة الاهتمام بها.
و حداثة الإعلام البترولي هذه من الأسباب الرئيسية لعدم وجود إعلاميين عرب متخصصين في القضايا البترولية ، هذا إذا استثنينا العدد القليل من الاقتصاديين العرب الذين أسهموا على مدى السنوات الماضية في تقديم دراسات علمية قيمة عن الصناعة البترولية بمختلف جوانبها. وهذا الأمر تغير في السنوات الأخيرة إذ أخذ الاهتمام بالإعلام البترولي يشهد ازديادا مطردا في وسائل الإعلام المختلفة ، وخصصت عدد من الدول العربية إدارات خاصة بهذا الإعلام المتخصص في وزارات الطاقة والنفط فيها.
ولعل حظر الدول العربية النفط عن الدول التي ساندت إسرائيل في الحرب التي نشبت بينها وبين العرب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1973 كانت بداية الزخم الكبير للإعلام البترولي على الصعيد العالمي ، حين أخذت وسائل الإعلام الغربية تبث وتنشر مواد إعلامية كثيرة عن ذلك الحظر وأصدائه وآثاره على العالم أجمع ، وعلى الدول الغربية بصورة خاصة ، وتنشر بالتوازي مع ذلك مواد إعلامية عن العرب تستهدف تشويه صورتهم والحط من مكانتهم .
وفي الربع الأخير من ذلك العام طغت المواد الإعلامية المرتبطة بالحظر البترولي على أي قضية مثارة في العالم ، سواء كانت اقتصادية أو سياسية أو اجتماعية ، ومن ثم كانت المواد الإعلامية البترولية صاحبة الرصيد الأعلى من المساحات في الصحف والمجلات ووكالات الأنباء ، والحجم الأكبر في البث الإذاعي والتلفزيوني.
وأدركت دول مجلس التعاون الخليجي أهمية الإعلام البترولي ، وضرورته الماسة لها ، فأنشأت في أعقاب المؤتمر الرابع لوزراء العمل في دول الخليج العربية الذي عقد في شهر فبراير بالبحرين عام 1979 ( لجنة الإعلام البترولي لدول الخليج العربية).
     وهذه اللجنة مثلت محاولة جادة للاهتمام بالإعلام البترولي ، وشقت طريقها بنجاح ، وحققت تقدما ملحوظا في الحقول التي خاضتها، فكانت قناة أو منبرا أمكن من خلالها لعدد من الكفاءات العربية المتخصصة في القضايا البترولية أن يشرحوا وجهة النظر العربية من هذه القضايا ، إما بالكتب أو المحاضرات والندوات أو المقابلات والأحاديث الصحفية والتلفزيونية.
واستطاعت هذه اللجنة خلال مدة وجيزة ، وبفضل التعاون الوثيق مع منظمة (أوابك) ، تزويد المكتبة البترولية بعدد من الكتب والدراسات العلمية القيمة وباللغات المختلفة، لكن للأسف الشديد توقف عمل تلك اللجنة ولم يعد أحد يسمع عنها شيئا ، وربما كان السبب قلة المخصصات المالية المطلوبة لهذا النوع من الإعلام .

الإعلام البترولي:المفهوم والأهداف
     يعد الإعلام البترولي أحد أنواع الإعلام المتخصص الذي سبق التعريف به وبخصائصه في الفصل السابق، ويشهد اهتماما بالغا نظرا لارتباطه بقضايا البترول بصورة رئيسية وقضايا الاقتصاد والبيئة والسياسة بصورة فرعية ، وهذه القضايا الرئيسية والفرعية أضحت قضايا جوهرية تهم العالم بأسره ، وتحظى بعناية شديدة من جميع الدول و المنظمات الدولية ، إضافة إلى عدد كبير من المنظمات والهيئات غير الحكومية.
 والمشكلة التي يواجهها الباحثون بهذا الصدد هي تحديد توجهات وآراء من يقف وراء وجهة النظر التي تعَرِف الإعلام البترولي ، فالتعريف يخضع لوجهات نظر متباينة بين الدول المنتجة والصناعية المستهلكة ، وكل منها تحاول أن تعرف هذا الإعلام بما يخدم توجهاتها ومصالحها ، وبما ينسجم مع الأهداف التي تضعها.
    لكن يمكن بصفة إجمالية تعريف الإعلام البترولي بأنه نوع من الإعلام المتخصص يرمي إلى نشر المعلومات والبيانات عن البترول والأمور المرتبطة به ، بهدف تبصير الجمهور بكل ما يتعلق بهذا المجال الحيوي ، وإحداث وعي مناسب حياله.
     والإعلام البترولي في الدول العربية ليس مجرد أخبار تنشرها الصحف والمجلات ، ولا صور تبثها محطات التلفزيون ، ولا رسائل تتبناها الحملات الإعلامية ، ولا محاضرات توعوية تلقى أمام شرائح المجتمع ، بل هو عمل منظم تشارك فيه أكثر من جهة ، ويرمي إلى تحقيق أهداف عدة ، يرنو إليها القائمون عليه ، ويتطلع إلى إنجازها واضعو خططه المدركون لأهمية الأدوار المنوطة به.
وهذه الأهداف تعبر عن مبادئ ورؤى وخطط القائمين على الإعلام البترولي ، وتنطلق من تطلعاتهم وتصوراتهم وأفكارهم ، وتنسجم مع الأسس التي وضعتها المنظمات الدولية والإقليمية والمحلية التي تعنى بالإنتاج والتسويق.
وتعبر النقاط الآتية عن أهم الأهداف التي يرنو الإعلام البترولي إلى تحقيقها:
1.     تشكيل الوعي البترولي بهدف المساهمة في تعزيز وعي المواطنين بالصناعة النفطية وما يرتبط بها.
2.     نشر الثقافة النفطية لدى الجمهور ، وتعريفه بأهم الأمور المرتبطة بهذه الصناعة الحيوية.
3.  نقل الأخبار والمواضيع البترولية للجمهور ، وتزويدهم بالمعلومات ذات الصلة بالبترول ، وإعلامهم بكل جديد بهذا الصدد محلياً وعالمياً .
4.  طرح القضايا البترولية وتقديمها بصورة مبسطة وشاملة للجمهور ، بهدف زيادة وعيهم بأبعاد هذه القضايا ، وآثارها عليهم كأفراد.
5.  توضيح دور البترول ، صناعة وعوائد، في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول المنتجة والدول النامية ، ودوره في دعم النظام الاقتصادي والنقدي في الدول الصناعية .
6.  الرد على الحملات الإعلامية المتجنية التي دأبت الدول الصناعية على شنها ضد الدول المنتجة للبترول منذ مطلع السبعينيات متهمة إياها بتخريب اقتصاداتها، ومتعمدة تشويه دور هذه الدول وطمس جهودها الحقيقية من أجل التنمية الشاملة.
7.  تعميق النظرة الدولية للقضايا البترولية باعتبارها تهم المجتمع الدولي بأسره ، ولا تقف أحيانا عند إقليم ما ، أو ترتبط بمنطقة معينة.
8.  نقل وجهات النظر العلمية حول النظريات المطروحة التي تتناول آثار البترول في تدهور البيئة ، والاستناد إلى أكثر تلك الآراء والنظريات صحة ومنطقية وموضوعية.



الإعلام البترولي والتعاون العربي
    ثمة عدد من الوظائف المهمة التي يحققها الإعلام البترولي ، وثمة باحثون يرون أن أهم وظيفتين لهذا الإعلام المتخصص على الصعيد العربي هما :
1 – وظيفة اجتماعية :
 تتعلق هذه الوظيفة أساسا بالوطن العربي ككل، بما في ذلك الدول الأعضاء وغير الأعضاء في منظمة (أوابك). فوسائل الإعلام والاتصال عامل مهم في مجموعة المؤثرات التي تؤدي إلى تنمية المجتمع وتحديثه ، فهي قادرة على توسعة الآفاق والمدارك بالحصول على معلومات عن خبرات الآخرين ، وعلى إذكاء طموحات الشعوب ، والمساعدة على إيجاد الدوافع لتحسين الطرق والممارسات والأوضاع الاجتماعية، كما أن الإعلام البترولي قادر على تثقيف الناس بصورة عامة في مجالات الصناعة النفطية والطاقة وتوقعاتها المستقبلية، وهكذا يمكن للإعلام القيام بدور الأداة الناقلة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستويين القومي والإقليمي في أرجاء الوطن العربي.
 ويمكن للإعلام البترولي العربي أن يؤدي دورا حيويا لتحقيق التعاون العربي الذي يصعب تحقيقه من دون إيجاد تبادل إعلامي يدرك الناس من خلاله الميزات والفوائد التي ستعود عليهم اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا ، وحتى حضاريا ، من جراء هذا التعاون المنشود.
 2ـ تحقيق التكامل العربي:
    تعد هذه الوظيفة هي الوظيفة الأساسية للإعلام البترولي ، فالبترول لا يستطيع أداء دور كوسيلة للتنمية والتحديث والتعاون العربي في عالم الاقتصاد فحسب، بل بمقدوره كذلك أن يكون وسيلة لتحقيق تكامل إقليمي شامل.
   والجمع بين موارد كالبترول ورأس المال واليد العاملة والمهارة الفنية أدى دورا مهما بصفته الوسيلة الوحيدة لإيجاد صناعة بترولية قابلة للتطبيق، وإدراك هذا العامل أصبح هو القوة الدافعة لتحقيق التكامل الإقليمي.
  وما زالت الدول العربية في سعيها لتحقيق الوحدة تتوجه دائما إلى الجانب السياسي في هذه القضية ، ولم توفق في ذلك حتى الآن ، أما الإعلام البترولي الفعال فبمقدوره توضيح حقيقة أن القوى الاقتصادية - ولو في قطاع البترول على الأقل - أخذت تؤدي دورها ، وأن توجها معينا لخدمة التكامل العربي بدأ يأخذ شكله وأبعاده فعلا.
النهوض بالإعلام البترولي العربي
    لاشك في أن الإعلام البترولي العربي يعاني  - كغيره من أنواع الإعلام المتخصص – صعوبات كثيرة ، ويواجه معوقات عديدة في سبيل تحقيق الأهداف المنشودة منه ، وأداء الدور المنوط به .
     ويمكن الحديث بهذا الصدد عن معوقات مهنية تتعلق بالقائم بالاتصال (الإعلامي) والرسالة الإعلامية المتميزة والبيانات والمعلومات الضرورية ، ومعوقات مالية وإدارية . وبصورة عامة يمكن الحديث عن الأسس التي تستهدف النهوض بهذا النوع من الإعلام المتخصص في الدول العربية ، وتعزيز دوره ، وترسيخ مكانته.
 وتتمثل هذه الأسس في الأمور الآتية:

·   أن تتوافر لدى المسؤولين عن الصناعة البترولية والإعلام البترولي عزيمة صادقة وصحيحة للاهتمام الشديد بمعالجة القضايا النفطية والاعتراف بمواقع القصور والسعي إلى معالجتها.
·        اتباع سياسات وطنية تعزز التطوير المنهجي والمنظم للبنية الأساسية للإعلام البترولي.
·   إنشاء مؤسسات إعلامية بترولية في الدول المنتجة للبترول والمصدرة له لإعداد إعلاميين بتروليين على مستوى عالٍ من الكفاءة والمهارة.
·   إنشاء مكاتب إعلامية بترولية في الدول الصناعية المستوردة للنفط لمتابعة ما يكتب عن الإعلام البترولي العربي والسعي إلى الرد على هذه الكتابات وتوضيح الحقائق للرأي العام الغربي.
·        ضرورة التعاون العربي في مجال الإعلام البترولي ، وضرورة الاعتماد المتبادل في ضمان مصلحة البشرية.
·   ضرورة الإدراك العميق لدى الإعلامي البترولي للجوانب الفنية والاقتصادية والأبعاد السياسية لصناعة النفط والغاز، ودورها في توفير الطاقة اللازمة للنمو الاقتصادي ، ومن ثم أبعادها الاستراتيجية على صعيد المصالح السياسية لبلدان العالم.
·   توفير المعلومات الدقيقة والبيانات الكافية للإعلاميين البتروليين العرب وإعطاء الحرية اللازمة لهم للكتابة عن القضايا النفطية والدفاع عن المصالح العربية.
·   ربط الإعلام البترولي العربي بخطط التنمية بتشعباتها وآثارها وآفاقها على الصعيد الداخلي ، وجعله عنصرا رئيسيا من عناصر المصالح الحيوية للدول المنتجة ، بما في ذلك أمنها واستقرارها
·   تعزيز دور الإعلام البترولي العربي في التوعية العامة للأهمية الاقتصادية للبترول، وبخاصة علاقته بالاقتصاد الوطني ككل، وارتباطه بمجالات الحياة الحيوية.
·   التنسيق بين المطبوعات الخاصة بالمعلومات والبيانات البترولية الصادرة عن الدول العربية ، وإتاحة هذه المعلومات للإعلاميين البتروليين العرب.
·        التعاون بين المؤسسات البترولية ووسائل الإعلام العربية لتوفير تغطية إعلامية مناسبة لجميع القضايا البترولية.

قصة النفط في الكويت