نشأة الصحافة البترولية العربية

لا يمكن للباحث أن يتوصل بصورة دقيقة إلى تاريخ ظهور أول وسيلة إعلامية متخصصة بالبترول وقضاياه ، أو أولى المواد الإعلامية التي نشرت عن هذا المجال ، وإن كانت الصحف هي الوسيلة الإعلامية الأولى التي شهدت التركيز على تلك القضايا باعتبارها أقدم وسيلة من وسائل الإعلام المتعارف عليها.
  ويمكن القول إن الصحافة البترولية بدأت بداية متواضعة في منتصف القرن العشرين عندما أخذت وسائل الإعلام الغربية تنشر مواد خبرية عن كل ما يتعلق بالبترول ، بعد أن أخذت هذه الصناعة الحيوية بالازدهار والانتشار ، وغدا البترول سلعة لا يمكن الاستغناء عنها في القطاع الصناعي الذي كان يشهد حينذاك فورة هائلة في الإنتاج ، وحينما ازداد عدد وسائل النقل والمواصلات بصورة كبيرة جدا.
    ولم تحظ الصحافة البترولية بانتشار واسع واهتمام بالغ في ذلك الوقت ، لأن الشركات الدولية حينذاك كانت تقرر أسعار النفط ، وكانت الأسعار ثابتة تقريبا ، وفي الوقت نفسه كانت ميزانيات الدول المصدرة للنفط محددة بالريع البسيط الذي تدفعه تلك الشركات للحكومات ، وكان من المعروف - إلى حد كبير – الدخل السنوي من النفط ، كما يقول الدكتور وليد خدوري.
    وفي الوطن العربي، يعد الإعلام البترولي "ظاهرة حديثة وجدت في أواسط السبعينيات" ، وفق مما يراه إبراهيم العابد. وقبل ذلك لم يكن في الوطن العربي إلا عدد قليل جدا من الباحثين والإعلاميين يتابع القضايا البترولية ، ويتحدث عن أهمية هذه السلعة الحيوية وضرورة الاهتمام بها.
    ولعل حظر الدول العربية النفط عن الدول التي ساندت إسرائيل في الحرب التي نشبت بينها وبين العرب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1973 كان بداية الزخم الكبير للصحافة البترولية على الصعيد العالمي ، حين أخذت وسائل الإعلام الغربية تنشر مواد إعلامية كثيرة عن ذلك الحظر وأصدائه وآثاره على العالم أجمع ، وعلى الدول الغربية بصورة خاصة ، وتنشر بالتوازي مع ذلك مواد إعلامية عن العرب تستهدف تشويه صورتهم والحط من مكانتهم .
    وبعد الحظر النفطي العربي ، وفي أواسط السبعينيات تحديدا ، ازداد الاهتمام بصورة بالغة بالصحافة البترولية في الدول العربية . ولعل الاهتمام بهذا النوع من الصحافة المتخصصة مقارنة بغيرها من الصحافة الاقتصادية يعود لأسباب عدة يوجزها الدكتور خدوري فيما يأتي:
-       اعتماد الدول العربية برمتها، المنتجة منها للنفط والغاز أو المستهلكة لهما ، على الدخل المالي الناتج عن التجارة الدولية البترولية إلى حد كبير ، ودور النفط الأساسي في السياسات العربية العامة، وفي العلاقات مع الدول الأجنبية، وفي إبراز الصورة العربية في الخارج.
-       تؤدي الصحافة البترولية دورا مهما، مثلها مثل غيرها من العوامل السياسية والاقتصادية والفنية، في التأثير على تجارة النفط والاقتصاد البترولي.

-       تتعرض الصحافة البترولية، بوصفها جزءا لا يتجزأ من وسائل الإعلام العالمية، لعملية تغير مستمرة نتيجة للثورة الهائلة التي تجتاح صناعة الإعلام والاتصالات. لذا، تتطور وسائل إيصال المعلومات النفطية باستمرار، وينجم عن هذا التطور زيادة في وتائر تدفق كمية المعلومات المتوفرة ، وتعدد الجهات التي تتلقاها. 


الإبتساماتإخفاء