كيف تكون صحفيا متخصصا في مجال الصحافة النفطية؟

زيد الفتلاوي

كانت الحاجة الى الصحافة النفطية تقتصر على البلدان التي تعيش على هذه الثروة أو تمتلك مصالح مع دول نفطية أخرى. لكن مع ما يدور اليوم في العالم من متغيرات كبيرة، مفاجئة وسريعة في عالم البترول، أصبحت الحاجة شبه أساسية لخلق شريحة واسعة من الصحفيين المطلعين والمتخصصين في هذا المجال ليعكسوا ما يدور في ملف النفط، شريان الحياة للكثير من دول المنطقة.

التخصص في هذا المجال من قبل الصحفيين العرب مازال يتسم بالفقر والغياب ذلك على الرغم من حاجة المؤسسات الصحفية لهذا التخصص لمواكبة الاحداث النفطية العالمية واطلاع جمهورها على المستجدات لتبقيهم على تواصل مع ما يجري من حولهم.

في العراق مثلاً، الصحافة النفطية تعاني نقصاً كبيراً بل يكاد أن يكون غائباً، رغم أنه من أهم البلدان النفطية في المنطقة - "تأتي العراق والكويت والإمارات في المراتب من 3 إلى 5 بين أكبر دول العالم مالكة الاحتياطيات النفطية" - وما يعيشه اليوم من تباين بأسعار النفط وعدم الاستقرار الاقتصادي فيه عكس الحاجة لهذا المجال، على الرغم من انعقاد بعض ورش العمل في هذا المجال، إلاّ أنّها لم تثمر لغاية الآن لخلق مجموعة صحفية بارزة متخصصة بالبترول.

إعرف كي تُعرِّف

يحتاج الصحفي في أي مجال يتخصص به أن يكون على معرفة شاملة بالكثير من المعلومات الضرورية لكتابة قصته الخبرية وما لقطاع النفط من معلومات ومصطلحات كثيرة جداً تختص بالباحثين والخبراء وأهل الاختصاص في هذا المجال، لكن على الصحفي معرفة الاساسيات مثل (أنواع العقود النفطية، الشركات الكبرى لاستخراج النفط، البلدان المنتجة للنفط، أكثر البلدان احتياطاً للنفط، متغيرات أسعار النفط، أهم الحقول النفطية، جولات التراخيص، المنظمات النفطية العالمية) ويبقى ببحث دائم عن المعلومات كل ما تطلبت الحاجة لإيضاحها للجمهور، فهذه المعلومات تعتبر مفاتيح مهمة في الكتابة الصحفية النفطية وغيرها من المعلومات التي يحتاجها الصحفي أثناء عمله.

فن الكتابة في الصحافة النفطية يختلف كثيراً عن باقي الفنون فهو يعتمد في أغلب الاحيان على لغة الارقام من واردات وصادرات وأسعار الأسهم وبيان الصعود والنزول والعرض والطلب ومعرفة النسب.

البعض وخاصة الصحفيون يصاب بـ (الاريثموفوبيا) وهو الخوف من لغة الارقام لكنها أمور يمكن تعلمها من خلال الممارسة فلا يوجد شيء مستحيل وخاصة بعد أن أصبحت صحافة البيانات (الانفوجرافيك) ركناً مهماً في كبرى المؤسسات الاعلامية لتحويل الارقام الى صور وغرافيك معبرة عنها.
معلومات ومصادر نفطية
المعلومات والمصادر النفطية وطرق الحصول عليها تعتبر خارطة طريق صحيحة للوصول إلى ما نريد أن نظهره بعملنا الصحفي، وأهم الطرق للحصول عليها هي:
1- وزارة النفط ودوائرها عن طريق الحديث معهم بصورة مباشرة وطرح الاسئلة والإستفسارات وأيضاً أخذ أو استخراج الإحصائيات. غالباً ما تعمل الوزارة على نشر تقرير شهري على موقعها الالكتروني عن معدل الإنتاج النفطي والاسعار المحلية والعالمية وعن النسب المتفاوتة مابين الأعوام السابقة وكمية الإيرادات والصادرات والمنتوج واختلاف الاسعار.

2- المؤسسات والشركات النفطية الخاصة والمنظمات المعنية بهذا الشأن إضافةً الى الخبراء في هذا المجال وخبراء المجال الإقتصادي، خاصةً أن النفط يعتبر إقتصاد رئيسي للكثير من الدول.

3- عن طريق المعارف والأصدقاء العاملين في هذا القطاع ويمكن أن يكون لديك عدة مصادر لتزويدك بآخر المستجدات من حولهم في قطاع النفط.

4- شبكة الانترنت من المصادر العربية والعالمية المهمة حيث تحتوي على الكثير من المعلومات التي توضح أنواع النفط وطريقة الاستيراد والتصدير وأضخم الشركات النفطية  وأنواع العقود وغيرها الكثير.

5- تقارير عربية وعالمية منجزة في الصحف والمجلات والمواقع الإخبارية، مما يمكنك من مقارنة النتائح والتحقيق بخلفياتها.

أهم النصائح في الكتابة الصحفية عن قطاع النفط
أولاً- المتابعة المستمرة لقطاع النفط والبحث عن كثب حول آ​خر المستجدات اليومية من أسعار الإنتاج والبيع والشركات العاملة والمسيطرة في بلدك فهذه المتابعة سترسم طريقك نحو إنشاء قصتك.
ثانياً- التأكّد والتدقيق من أية معلومة أو تصريح يحمل لغة الأرقام قبل نشره، فصحافة هذا المجال لا تحتمل الخطأ أو السهو.
ثالثاً- يجب أن تمارس العمل الميداني (تقرير صحفي مكتوب، تقرير تلفزيوني، تحقيق) في هذا المجال من خلال زيارتك الى الحقول النفطية والشركات، إضافةً الى ملاحظة فروقات العمل بين الشركات المستخرجة للنفط ومشتقاته ونمط عمل كل شركة في مواقع العمل والتداول النفطي، فهذه النقطة تكسبك الخبرات الكبيرة وتعمل على صقل موهبتك بالكتابة عن قطاع النفط بصورة إحترافية.

الصور من تصوير زيد الفتلاوي.

زيد الفتلاوي من العراق، هو أحد المشاركين في برنامج مركز التوجيه بدورته الثانية التابع لشبكة الصحفيين الدوليين بنسختها العربية بهدف تطوير مشروعه الإعلامي من ضمن مشاريع أخرى في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.


قصة النفط في الكويت


قصة النفط في الكويت

النفط والغاز في الإعلام العربي

النفط والغاز في الإعلام العربي

By Samir Mahmoud



اقتضت دراسة علمية موسعة أعكف على إعدادها حاليًّا، متابعة ما يُنشر ويُبث ويُذاع عن صناعة النفط والغاز والبتروكيماويات في المنطقة العربية ودول الخليج تحديدًا، سواء في وسائل الإعلام العربية التقليدية أو منصات التواصل الاجتماعي، وبخاصة موقعي تويتر وفيس بوك، وقد خرجت بملحوظات أولية يمكن تلخيصها في الغياب التام لإعلام علمي متخصص وتنموي، يتناول قضايا النفط والغاز، بحثًا وتنقيبًا وكشفًا وتكريرًا وتصنيعًا وتصديرًا ونقلاً.

دفعني للتطرق إلى موضوع الإعلام حول شؤون البترول والغاز وصناعة البتروكيماويات، كون البترول سلعة استراتيجية ومصدرًا رئيسًا للطاقة، ومحركًا أساسيًّا لاقتصاديات المنطقة العربية، خاصة بدول مجلس التعاون الخليجي.

لذا يصبح نشر الثقافة البترولية لجميع فئات المجتمع أمرًا حتميًّا، وجزءًا من نشر الثقافة العلمية، ويصير التناول الإعلامي المحترف لشؤون النفط والغاز بمهنية علمية وتنموية، أمرًا جوهريًّا في ظل التسييس المتعمَّد لبعض أخبار قطاع النفط والغاز.

فذلك القطاع تتشابك فيه مصالح الدول مع الهيئات والمنظمات العربية والإقليمية والدولية المنتجين والمصدرين (أوبك) و(أوابك) والمستهلكين، ناهيك بوكالات الطاقة الدولية وهيئات الطاقة الجديدة والمتجددة.

عدد من الكليات والجامعات والمراكز والمدن المتخصصة كلها يتعاطى مع قطاع النفط والغاز بحثًا ودراسة، ولا نجد صدى لما يجرى في هذه الكيانات من بحوث ودراسات في وسائل الإعلام.

بدايةً أود لو توقفت عند بعض الحقائق والملحوظات الجوهرية بشأن النفط والغاز، والتناول الإعلامي لكل ما يتعلق بهذه الثروات الطبيعية المهمة. يعود اكتشاف البترول لأول مرة في المنطقة إلى ثلاثينيات القرن الماضي، ولو أخذنا المملكة العربية السعودية نموذجًا، يمكن القول إنها واحدة من خمس دول مؤسِّسة لمنظمة الدول المصدرة للبترول (أوبك) عام 1960، كما أسست مع الكويت وليبيا منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك) عام 1968م.

ومنذ ستينيات القرن نفسه وحتى وقتنا هذا وهي آخذة في تأسيس عدد من الكليات والجامعات والمراكز والمدن المتخصصة، التي لبعضها مثيل في معظم دول الخليج، وكلها يتعاطى مع قطاع النفط والغاز بحثًا ودراسة، ولا نجد صدى لما يجرى في هذه الكيانات من بحوث ودراسات في وسائل الإعلام.

ثورة الغاز الصخري

مثال آخر ما نلحظه في وسائل الإعلام العربية من تجاهل للثورة الراهنة للغاز الصخري المكتشف بوفرة في أمريكا وأماكن أخرى بالعالم، والذي يمثل تحديًا حقيقيًّا لرواد صناعة البتروكيماويات في الخليج والمنطقة العربية والشرق الأوسط.

فهو يخلق حالة من المنافسة غير العادلة، بما يعِد به من سلة منتجات بتروكيماوية تنافسية تؤثر على خطط التنمية الشاملة في المستقبل. دليلنا على هذا التجاهل، أن المنشور عن ثورة الغاز الصخري مجرد أخبار بعضها مسيَّس تتم معالجته بحساسية سياسية فائقة، دونما غوص أو تحليل لطرق استخراجه، ولا كلفته العالية أو مزاياه التنافسية مقارنة بالغاز الطبيعي الخام منه والمسال، ودون أفق مستقبلي لسبل الاستثمار فيه وما يخلقه من فرص في التوظيف وما يمثله من عوائد على التنمية الشاملة في النهاية.

كما يتجاهل كثيرون فكرة القيمة المضافة والمنتجات المبتكرة في تشكيلة منتجات نفطية وبتروكيماوية، وأثر ذلك على الوفاء بالإمدادات المطلوبة مهما كانت الضغوط، كالتراجع الذي حدث مؤخرًا في أسعار البترول، دون فهم حقيقي لأثر ذلك على أسعار المحروقات ومشتقات البترول والخطط الحكومية في رفع الدعم عن المحروقات وبعض الإجراءات التقشفية التي بدأت بوادرها في بعض دول الخليج، وانعكاسات ذلك على المواطنين.

براءات الاختراع

ولا يصح حديث عن النفط والغاز والقطاع الصناعي البتروكيماوي دون التطرق إلى براءات الاختراع، وتراخيص التقنية والمنتجات الجديدة والمبتكرة وثيقة الصلة بجهود العلماء والباحثين في مراكز التقنية بالشركات والجامعات والمراكز البحثية المرموقة، وما يطوره العلماء من منتجات جديدة، تجعل مواصلة استثمار الشركات في التقنية والابتكار مطلبًا جوهريًّا، لا محض رفاهية أو أموالاً زائدة تنفقها الشركات العملاقة خارج البلد أو داخله، كما يردد بعض المشككين بغير وعي أو فهم.

المنشور عن ثورة الغاز الصخري مجرد أخبار بعضها مسيَّس تتم معالجته بحساسية سياسية فائقة

ولا تغطية إعلامية عادلة وواعية إن جرى تجاهُل أغلى أصول الشركات العاملة في قطاع النفط والغاز، أعني الموارد البشرية وإعدادها وتأهيلها وتزويدها بالمعارف والعلوم؛ لتقود دفة الصناعة في المنطقة العربية في الحاضر والمستقبل.

إن عدم استيعاب مفاهيم التنافسية، والقيمة المضافة، وحقيبة المنتجات الجديدة المبتكرة، واستدامة الموارد من حيث الوفاء باحتياجات الأجيال الحاضرة دون مساس باحتياجات المستقبل، ما يصب في النهاية في خطط التنمية الشاملة للدول والشعوب وليس فقط الشركات، أمر يعيب معظم المعالجات الإعلامية.

غياب مفاهيم أساسية

كما يجهل بعض الإعلاميين مفاهيم أساسية، مثل صون البيئة والمحافظة عليها من تأثيرات العمليات الصناعية ذات البصمة البيئية، وما يتبع ذلك من ضرورة توعية العاملين بقطاع النفط والغاز لالتزام معايير الأمن والصحة والسلامة، حيال الانبعاثات والأبخرة الضارة، خاصة العاملين في المفاعلات والمكثفات ووحدات تخزين الغاز وتبريده وضغطه.

ويتبع ذلك أيضًا ضرورة رفع وعي المواطن العادي ببرامج حماية البيئة، التي تنفق فيها الشركات ومراكز البحوث مليارات الدولارات؛ لحماية الهواء من الانبعاثات، وكذا البيئة البحرية من أي تسريب محتمل.

إن عدم الوعي بهذه المتغيرات وغيرها، ينعكس سلبًا على التغطيات غير المتخصصة لمجال النفط والغاز، حتى إن بعض الإعلاميين المحليين يُحمِّل الشركات مسؤولية تبعات الكوارث الطبيعية من زلازل وبراكين وفيضانات تقع في مواقع أعمالها، دون تمحيص ولا إدراك لطبيعة هذه المواقع وجغرافيتها، ودونما وعي بحجم الأعمال والعمليات في هذه المناطق المنكوبة، ولا مدى جودة إجراءات السلامة هناك، ولا تأثير ما يقع من كوارث على مدى وفاء الشركات بالتزامها توريدَ الحصص والاحتياجات للمستهلكين.

تلك مفردات مهمة تغيب عن بعض وسائل إعلامنا العربية لدى تغطيتها شؤونَ النفط والغاز من منظور تنموي شامل ينهض بأعمال الشركات، ويرفع الوعي الثقافي والمجتمعي، ويدر عوائد ضخمة تتمثل في وفورات مالية للدول نتيجة تجنب عدد من المشكلات البيئية والصحية التي كان بالإمكان أن تصيب المجتمعات المحلية التي تعمل بها هذه الشركات في حال غاب دور الإعلام التنموي في رفع درجة الوعي.

نحو إعلام متخصص

وإحقاقًا للحق، ينبغي هنا الإشارة إلى أن تلك التحديات والمشكلات التي تواجه الإعلام عن النفط والغاز، كانت محل بحث ودراسة متعمقة وجهود حقيقية بُذلت في سبيل تأسيس استراتيجية للإعلام البترولي منذ خمس سنوات، أقرتها لجنة التعاون البترولي بدول مجلس التعاون الخليجي، بالتنسيق مع لجنة الاستراتيجية البترولية بالمجلس، ومستمدة من الاستراتيجية.

 

التعاون بين أجهزة الإعلام البترولي في دول المجلس ووسائل الإعلام المحلية والعالمية؛ للدفاع عن المصالح والمواقف البترولية“ 
استراتيجية الإعلام البترولي 
نصّت استراتيجية الإعلام البترولي على ”التعاون بين أجهزة الإعلام البترولي في دول المجلس ووسائل الإعلام المحلية والعالمية؛ للدفاع عن المصالح والمواقف البترولية“، واشتملت في هدفها الثاني على ”تنظيم ملتقى إعلامي بترولي بصفة دورية في دول المجلس، يشارك فيه ممثلو مختلف وسائل الإعلام؛ لتبادل الأفكار والمعلومات، وتذليل المعوقات، وتعزيز التعاون بين الجهات الإعلامية“.

وبالفعل انعقد ملتقى الإعلام البترولي الأول على أرض دولة الكويت في مارس 2013، ومن المقرر أن تستضيف المملكة العربية السعودية الملتقى الثاني بالرياض مارس 2015.

وتلك بداية مبشرة وواعدة، لا بد أن تتبعها خطوات مهمة، منها: تبني وزارات وشركات البترول برامجَ تأهيل لمجموعات من الإعلاميين بالمجال البترولي، وعقد حلقات نقاشية متخصصة بقضايا البترول والطاقة لرجال الإعلام والصحفيين المتخصصين، وبمشاركة هيئات ومؤسسات أكاديمية، بالإضافة إلى تنظيم زيارات ميدانية تقوم بها وسائل الإعلام ووكالات الأنباء المعتمدة للمنشآت والمرافق البترولية، وترتيب لقاءات لهم مع المسؤولين في الصناعة البترولية.

تأسيس دبلومة متخصصة في كليات وأقسام الإعلام العربية، في موضوعات الإعلام والطاقة، بحيث تثري معارف الإعلامي الدارس لهذه الدبلومة، فيتعرف على الطاقة ومجالاتها وآفاقها وبدائلها في الحاضر والمستقبل، كما يتعرف على العلاقة بين الطاقة والبيئة، ويدرس تأثير كلٍّ منهما على الموارد، كما يدرس بعمق المفاهيم والمصطلحات الخاصة بقطاع النفط والغاز، وكيفية تداولها إعلاميًّا بالشكل الصحيح، بعيدًا عن التسييس والتسطيح والتبسيط المخل.

دراسة التجارب الإعلامية المهمة التي تعكس أفضل الممارسات في قطاع النفط والغاز بالدول الكبرى، مثل أمريكا والصين وروسيا وفنزويلا والمكسيك وإيران، ومحاولة الاستفادة منها في إعلامنا العربي.

تشجيع إنشاء أقسام متخصصة للنفط والغاز في الصحف العربية والخليجية على وجه التحديد، مع تخصيص برامج في الإذاعة والتليفزيون لهذا الغرض.

تدشين جوائز إعلامية رفيعة بدعم وتمويل من شركات النفط والغاز، لأفضل التغطيات الصحفية والتلفزيونية وتغطيات المواقع الإلكترونية لشؤون النفط والغاز، الأمر الذي يشجع العاملين في هذا المجال، ويخلق روح المنافسة الشريفة، خاصة إذا وُضعت لهذه الجوائز معايير احترافية، وأشرفت عليها لجان تحكيم رفيعة المستوى من كبار المحكمين المتخصصين.

الآمال عريضة، والأفكار لا حدود لها، والجهود لا تنتهي، ومهما جاءت البدايات متواضعة بعض الشيء، فإنها تظل مهمة وحاسمة للمضي قدمًا نحو الأفضل في المستقبل.


* سمير محمود: أستاذ الإعلام بجامعة السلطان قابوس، والكاتب الصحفي بمؤسسة الأهرام المصرية، خبير تدريب دولي معتمد في الصحافة المتخصصة، ويمكن التواصل معه عبر البريد الإلكتروني drsamir33@yahoo.com

هذا الموضوع أنتج عبر المكتب الإقليمي لموقع SciDev.Net بإقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.



نشر المقال الأصلي على شبكة SciDev.Net. طالع المقال الأصلي.

القائم بالاتصال في الصحافة البترولية


يعد القائم بالاتصال (الصحافي) أهم عنصر في نجاح أي رسالة إعلامية ، باعتباره منشئ الرسالة وصانعها ، وكلما زاد فهمه وإدراكه وتعمقه في المجال المتخصص الذي يعمل فيه يزداد نجاحه وتأثيره وإقناعه.

 وحداثة الصحافة البترولية تعد من الأسباب الرئيسية لعدم وجود عدد كبير من الصحافيين المتخصصين في القضايا البترولية في الدول العربية ، هذا إذا استثنينا العدد القليل من الاقتصاديين العرب الذين أسهموا على مدى السنوات الماضية في تقديم دراسات علمية قيمة عن الصناعة البترولية بمختلف جوانبها ، كما يقول إبراهيم العابد.
ويرى الدكتور محمد الرميحي أن الإعلامي العربي المتخصص بالإعلام البترولي كان يمارس ما يمكن تسميته إعلاما عربيا موحدا "عندما كانت مصالح العرب المنتجين للنفط متناقضة مع مصالح الشركات الكبرى النفطية العاملة في أراضيها قبل منتصف عقد السبعينيات على وجه العموم ... أما الآن وبعد بدء الفرقة في السياسات النفطية منذ ذلك الوقت ، وقد تباعدت في الثمانينيات ، فكان على الإعلامي النفطي عبء أكبر في التنسيق بين المصالح المتضاربة في إطار إعلامي مقبول. فقد كان على الإعلامي العربي المهتم بهذا القطاع أن يساير مصالح إقليمية ضيقة في المفاضلة بين السياسات الإقليمية وتخطئة السياسات الأخرى. لقد استجاب الإعلامي العربي لهذا الواقع المؤقت دون النظر إلى المصالح العامة في المدى المتوسط والبعيد".

عوامل التأثير العامة التي يمتلكها القائم بالاتصال :

 يرتبط تأثير القائم بالاتصال ونجاحه في أداء المهام المنوطة به بمجموعة من العوامل والمتغيرات المتعلقة بالخصائص التي يتمتع بها ، وأهمها:
المهارات الاتصالية (المهنية) التي يتسم بها.
اتجاهاته نحو نفسه ونحو الموضوع ونحو الجمهور المستهدف.
المستوى المعرفي والثقافي الذي يتمتع به.
النظام الاجتماعي والثقافي الذي يعمل في إطاره.
المصداقية التي يتمتع بها.

الإمكانات الواجب توافرها في القائم بالاتصال:

 ينبغي للقائم بالاتصال المتخصص في معالجة ومتابعة القضايا البترولية أن يتمتع بعدد من الإمكانات والمقومات لأداء عمله المهني بالصورة المثلى ، وهي:

أن تكون لديه رغبة فعلية في العمل في الصحافة البترولية ، وتهيئة نفسية كاملة لخوض غمارها وتحمل مشاقها.
أن يكون لديه اهتمام بالقضايا البترولية ، وتفهم لأبعادها ، وإلمام بأساسيات الصناعة البترولية ، وفهم مفرداتها بدقة ، والقدرة على تفسير التطورات التي تنشأ في هذه الصناعة.
الإيمان بأن العمل في الصحافة البترولية رسالة وقضية ، وليس مجرد مهمة إعلامية يجب أداؤها.
أن يمتلك ذخيرة معرفية جيدة عن الشؤون الاقتصادية ، ولاسيما اقتصادات الطاقة ، بسبب الارتباط الوثيق بين الاقتصاد والبترول.
الإلمام بخطط التنمية الوطنية والعلاقة بينها وبين الثروة البترولية الموجودة لدى الدولة التي يعمل فيها.
ضرورة العمل والتعاون ضمن فريق متكامل في الوسيلة الإعلامية لإعداد رسالة إعلامية تتضمن جميع المعايير المطلوبة للتأثير والنجاح.
أن يتمتع بمهارة كتابة جميع الفنون الخبرية المتعارفة ، كالخبر والتقرير والتحقيق والتحليل ، ليكون عمله متكاملا يغطي القضية البترولية من جميع جوانبها.
إتقان أساسيات فن التصوير الصحفي ، بسبب وجود حاجة ماسة إلى ذلك عندما يتعذر وجود المصور المتخصص.
دراسة فئات الجمهور التي يتوجه إليها ، واختيار المداخل المناسبة للتعامل مع كل فئة منهم .
القدرة على تبسيط المعلومات والبيانات البترولية وتوصيلها إلى الجمهور المستهدف على اختلاف مستوياته الثقافية بصورة واضحة وجذابة.

إتقان إحدى اللغات الأجنبية الواسعة الانتشار ، وبخاصة اللغة الإنكليزية ، نظرا لاستعمالها في كل المؤتمرات والمنتديات والندوات البترولية ، ولصدور معظم التقارير البترولية بها.

مفهوم الصحافة البترولية

   

 تشهد الصحافة البترولية اهتماما بالغا نظرا لارتباطها بقضايا البترول بصورة رئيسية ، وقضايا الاقتصاد والبيئة والسياسة بصورة فرعية . وهذه القضايا الرئيسية والفرعية أضحت قضايا جوهرية تهم العالم بأسره ، وتحظى بعناية شديدة من جميع الدول و المنظمات الاقتصادية الدولية ، إضافة إلى عدد كبير من المنظمات والهيئات غير الحكومية.

 والمشكلة التي يواجهها الباحثون بهذا الصدد هي تحديد توجهات وآراء من يقف وراء وجهة النظر التي تعَرِف الصحافة البترولية؛ فالتعريف يخضع لوجهات نظر متباينة بين الدول المنتجة والصناعية المستهلكة ، وكل منها تحاول أن تعرف هذه الصحافة بما يخدم توجهاتها ومصالحها ، وبما ينسجم مع الأهداف التي تضعها.

   صحيح أن الصحافة علم مجرد؛ أي إن تعريفها الأساسي يجب أن لا يخضع لاتجاهات أو آراء أو تيارات معينة ، لكن الواقع يقول إن توظيفها وتوجيهها واستخدامها يقدم وفق تصورات ورؤى من يملكها ويستخدمها.

  ويمكن القول إن الإعلام البترولي يعني – بصورة عامة - استخدام كل وسائل الإعلام لإيصال المعلومات المتعلقة بقضايا البترول إلى الأفراد والجماعات في المجتمع الذي تخدمه ، والمجتمعات ذات الصلة ، إضافة إلى كل النشاطات ذات الارتباط الوثيق بالبترول وشؤونه.

وثمة تعريفات عدة للصحافة البترولية سعت إلى توضيح مفهومها وتحديد معناها ، منها:

-       هي صحافة متخصصة تعنى بجمع ومعالجة ونشر البيانات والحقائق والآراء المتعلقة بالصناعة النفطية من جميع جوانبها ومراحلها ، استكشافا وإنتاجا وتسويقا وتسعيرا وتكريرا (وفق تعريف إبراهيم العابد).
-       هي صحافة علمية وتقنية موجهة تسعى إلى توفير وجمع ومعالجة وتخزين واستعادة المعلومات عن البترول وفق نمط معين ومنظم (وفق تعريف وليد الشريف).
    وأرى أن الصحافة البترولية نوع من الصحافة المتخصصة ترمي إلى نشر المعلومات والبيانات عن البترول والأمور المرتبطة به ، بهدف تبصير الجمهور بكل ما يتعلق بهذا المجال الحيوي، وإحداث وعي مناسب حياله.

  والصحافة بهذا التعريف تستهدف إيصال المعلومات المتعلقة بقضايا البترول إلى الأفراد والجماعات في المجتمع الذي تخدمه ، والمجتمعات ذات الصلة ، إضافة إلى كل النشاطات ذات الارتباط الوثيق بالبترول وشؤونه.

نشأة الصحافة البترولية العربية

لا يمكن للباحث أن يتوصل بصورة دقيقة إلى تاريخ ظهور أول وسيلة إعلامية متخصصة بالبترول وقضاياه ، أو أولى المواد الإعلامية التي نشرت عن هذا المجال ، وإن كانت الصحف هي الوسيلة الإعلامية الأولى التي شهدت التركيز على تلك القضايا باعتبارها أقدم وسيلة من وسائل الإعلام المتعارف عليها.
  ويمكن القول إن الصحافة البترولية بدأت بداية متواضعة في منتصف القرن العشرين عندما أخذت وسائل الإعلام الغربية تنشر مواد خبرية عن كل ما يتعلق بالبترول ، بعد أن أخذت هذه الصناعة الحيوية بالازدهار والانتشار ، وغدا البترول سلعة لا يمكن الاستغناء عنها في القطاع الصناعي الذي كان يشهد حينذاك فورة هائلة في الإنتاج ، وحينما ازداد عدد وسائل النقل والمواصلات بصورة كبيرة جدا.
    ولم تحظ الصحافة البترولية بانتشار واسع واهتمام بالغ في ذلك الوقت ، لأن الشركات الدولية حينذاك كانت تقرر أسعار النفط ، وكانت الأسعار ثابتة تقريبا ، وفي الوقت نفسه كانت ميزانيات الدول المصدرة للنفط محددة بالريع البسيط الذي تدفعه تلك الشركات للحكومات ، وكان من المعروف - إلى حد كبير – الدخل السنوي من النفط ، كما يقول الدكتور وليد خدوري.
    وفي الوطن العربي، يعد الإعلام البترولي "ظاهرة حديثة وجدت في أواسط السبعينيات" ، وفق مما يراه إبراهيم العابد. وقبل ذلك لم يكن في الوطن العربي إلا عدد قليل جدا من الباحثين والإعلاميين يتابع القضايا البترولية ، ويتحدث عن أهمية هذه السلعة الحيوية وضرورة الاهتمام بها.
    ولعل حظر الدول العربية النفط عن الدول التي ساندت إسرائيل في الحرب التي نشبت بينها وبين العرب في شهر أكتوبر (تشرين الأول) من عام 1973 كان بداية الزخم الكبير للصحافة البترولية على الصعيد العالمي ، حين أخذت وسائل الإعلام الغربية تنشر مواد إعلامية كثيرة عن ذلك الحظر وأصدائه وآثاره على العالم أجمع ، وعلى الدول الغربية بصورة خاصة ، وتنشر بالتوازي مع ذلك مواد إعلامية عن العرب تستهدف تشويه صورتهم والحط من مكانتهم .
    وبعد الحظر النفطي العربي ، وفي أواسط السبعينيات تحديدا ، ازداد الاهتمام بصورة بالغة بالصحافة البترولية في الدول العربية . ولعل الاهتمام بهذا النوع من الصحافة المتخصصة مقارنة بغيرها من الصحافة الاقتصادية يعود لأسباب عدة يوجزها الدكتور خدوري فيما يأتي:
-       اعتماد الدول العربية برمتها، المنتجة منها للنفط والغاز أو المستهلكة لهما ، على الدخل المالي الناتج عن التجارة الدولية البترولية إلى حد كبير ، ودور النفط الأساسي في السياسات العربية العامة، وفي العلاقات مع الدول الأجنبية، وفي إبراز الصورة العربية في الخارج.
-       تؤدي الصحافة البترولية دورا مهما، مثلها مثل غيرها من العوامل السياسية والاقتصادية والفنية، في التأثير على تجارة النفط والاقتصاد البترولي.

-       تتعرض الصحافة البترولية، بوصفها جزءا لا يتجزأ من وسائل الإعلام العالمية، لعملية تغير مستمرة نتيجة للثورة الهائلة التي تجتاح صناعة الإعلام والاتصالات. لذا، تتطور وسائل إيصال المعلومات النفطية باستمرار، وينجم عن هذا التطور زيادة في وتائر تدفق كمية المعلومات المتوفرة ، وتعدد الجهات التي تتلقاها. 

قصة النفط في الكويت