النفط الرخيص شجّع الاستهلاك المفرط الضارّ بالبيئة

على رغم التأثيرات السلبية التي عكستها تطورات أسواق النفط وأسعاره على المنتجين خلال السنتين الماضيتين، تميل مؤشرات العرض والطلب الى مصلحة دول المنطقة، على مستوى السيطرة على أسواق المستهلكين وزيادة الاعتماد على تدفّق النفط إلى اقتصاداتها. إذ تتمتع باعتماد كبير في الإمداد وانخفاض تكاليف الإنتاج وهو الأهم، ما يتيح لها مزيداً من المناورة في أسواق النفط.
ويشكل تزايد الاعتماد على نفط دول المنطقة «مؤشراً إيجابياً من بين حزمة المؤشرات السلبية التي أحاطت ولا تزال باقتصاداتها، وفقاً لما أوردت شركة «نفط الهلال» في تقرير أسبوعي، إذ «تكاد تغير ملامحها الاقتصادية إذا استمر تراجع العائدات والتوسع في العجز». في المقابل، ساهم ارتفاع إنتاج دول المنطقة من النفط إلى مستويات قياسية «في رفع حجم المعروض، بالتالي ازدياد حصة دول المنطقة من المعروض الإجمالي والمطلوب في أسواق النفط في الفترة الأخيرة».
وأفاد التقرير بأن دول المنطقة «تتمتع بقدرات إنتاج غير مستغلة، ويمكن استغلالها في أي وقت عند مستويات تكاليف شبه ثابتة ومتوسط سعر يصل إلى 14.2 دولار للبرميل». ورأى أن ذلك «لا يتوافر لدى منتجين كثر حول العالم، الذين يضطرون إلى التوقف عن الإنتاج عند نقطة تعادل سعرية باتت متكررة أخيراً».
واعتبر أن الدول المستوردة للنفط هي «المستفيد الأول حتى الآن، فيما المنتجون من كل دول العالم هم أكثر الخاسرين بسبب استمرار الضغوط على قطاع الطاقة». لذا «لا تكون السيطرة على أسواق المستهلكين بالفاعلية المطلوبة ذاتها، في حال ارتفعت أسعار النفط مجدداً، وتناغمت مع المستويات المستهدفة من المنتجين الباقين». وهذا يعني، وفق التقرير، أن دول المنطقة «ستكون في مقدم الخاسرين مرة أخرى عند المستويات القياسية للإنتاج بالأسعار السائدة، ومن ثم تراجع قدرتها على السيطرة كلما تحركت الأسعار صعوداً».
ومن شأن السباق على رفع مستويات الإنتاج «الإضرار بالجهود ذات العلاقة بخفض التأثيرات السلبية لاستهلاك النفط على البيئة، مع التأكيد أن النفط الرخيص شجع الاستهلاك المفرط غير الإنتاجي لدى دول العالم»، فيما لم ينعكس حتى الآن «إيجاباً على الاقتصاد سواء العالمي أو المتصل بالمنتجين، إذا قورن ذلك بنتائج ارتفاع أسعار معدلات التضخم والنمو على المستوى العالمي». وتبعاً لطبيعة المرحلة التي تمر فيها أسواق الطاقة واقتصادت دول المنطقة، لفت التقرير إلى أن انحسار الخيارات المتاحة أمام جميع الأطراف «بات واضحاً لأن النفط الرخيص الذي يساهم في رفع حجم الاحتياطات يوماً بعد آخر، لن يكون الحل الأمثل للسيطرة على أسواق المستهلكين في كل ظروف السوق وتطوراتها». وأوضح أن «احتمال خسارة الحصص في السوق مع كل ارتفاع يسجل على متوسط الأسعار السائدة، سيكون ممكناً وقابلاً للحدوث، ما يقود إلى الاعتقاد بأن البحث عن سعر التوازن للنفط في الأسواق العالمية حالياً، سيمثل أكثر الحلول كفاءة وتأثيراً في جميع الأطراف».

أميركا اللاتينية أبرز الخاسرين بحرب الأسعار النفطية

 م. فراس عادل السالم
من خلال متابعتنا لما يحدث بالدول النفطية في ظل حرب الاسعار الشرسة التي بدأت منذ أكثر من عام، نرى تبعات هذه المعركة تعصف باقتصادات الدول المنتجة المعتمدة بدرجة كبيرة على عوائد مبيعات النفط والخسائر التي تواجهها كبرى شركات النفط العالمية بعد هبوط الأسعار لمستويات متدنية جدا، وهو ما دون الثلاثين دولاراً للبرميل.
لعل أبرز الدول المتضررة هي فنزويلا التي تثبت التقارير النفطية أنها صاحبة اكبر احتياطي نفطي بالعالم حسب الارقام المعلنة، إلا أن إنتاجها من النفط الخام لم يتعد مليونين وسبعمئة ألف برميل يومياً في السنوات الثلاث الماضية، ذلك بسبب ارتفاع تكلفة إنتاج البرميل في الكثير من الحقول بفنزويلا، مما لم يجعل عملية استخراج هذا المورد الطبيعي مجزية اقتصادياً، ومع هبوط الاسعار الحالي نرى شركة النفط الوطنية الفنزويلية أمام مأزق حقيقي، فإنتاجها انخفض بما يعادل خمسمئة الف برميل يومياً منذ عام 2015، وتسعمئة ألف برميل يومياً عن مستوى إنتاجها في عام 2009، معلنة عن سقوطها كأول ضحية في مجموعة أوبك بعد وصولها لأدنى مستوى انتاج في 13 عاماً.
حدث آخر في البرازيل اصبح يقلق الاقتصاديين النفطيين في القارة وهو تقديم 11704 موظفين في شركة بتروبراس البرازيلية لبرنامج الشركة استقالاتهم طوعياً، مما ينذر باحتمالية انهيار هذه الشركة ويزعزع الثقة بها على اثر التسرب الكبير للموظفين العاملين بها، وإعلان سعيها لتوفير ما يزيد على عشرة مليارات دولار هذا العام لتعويض الخسائر جراء انخفاض اسعار النفط عالميا وبيعها لأصول وامتيازات نفطية بحرية لشركات أوروبية كـ statoil النرويجية في شهر أغسطس الماضي، لتقليل مصاريفها التشغيلية والاستمرار بالانتاج على قدر المستطاع والصمود بوجه عاصفة حرب الاسعار النفطية.
ختاماً، نحن في دول الخليج العربي لسنا بمنأى عما يحدث بأميركا اللاتينية، ويجب علينا الاستفادة من تجارب غيرنا لكي لا نقع بنفس المأزق، ونسأل الله تعالى أن يعين المسؤولين على العمل لضمان مخرج سليم لنا من هذه الأزمة.
 نقلا عن القبس الكويتية

التكنولوجيا الهجينة قفزة نحو المستقبل

 
 
ناثان فر، أستاذ مساعد في الاستراتيجية بكلية إنسياد.
عند مواجهة تحول غير واضح الملامح يهدد صناعة معينة، المجازفة أو البقاء بموقع المتفرج ليست الخيارات الوحيدة المتاحة.
يسهل على الشركات تقييم آثار الابتكارات. ولكن اتخاذ القرارالصائب لمواجهة تهديد تكنولوجيا جديدة تغير ملامح الصناعة، قد يكون واحدا من أهم التحديات التي تواجهها الشركة.
يتوجب على صناع القرار في الشركات تقدير المدة الزمنية التي سيستغرقها الابتكار المرتقب، وليس فقط المبادرة إلى تخمين فرص تبني هذه التكنولوجيا في عالم الأعمال ومدى تقبل المستهلكينلها. فمن الأخطاء الشائعة النظر إلى الثورات التكنولوجية على أنها تقوم بتدمير جميع مظاهر التكنولوجيا التي سبقتها. وهنا يبقى الاحتمال الأكبر أن يستغرق حدوث هذا التحول سنوات وربما عقود.فمن المستحيل معرفة كيفية تطور هذا التحول وتوقيت اكتماله، ولكن سيكون من السهل على الشركات المشاركة في عملية التحول هذه.
يعد الاستثمار في الأجيال الهجينة – وهوالابتكار الذي يجمع بين منتجات أو خدمات أو نماذج عمل جديدة مع أخرى حالية، هو الوسيلة الأمثل لإدارة هذه المرحلة الانتقالية المجهولة المعالم والمساعدة على رسم ملامح التغيير القادم. ومن الأمثلة على ذلك، كاميرات (إس إل آر) الرقمية، والسيارات الكهربائية والتي تعمل بالغاز، وأنظمة الحوسبة السحابية الهجينة، ومايكروسوفت سيرفس الذي يجمع بين الكمبيوتر اللوحي وبرمجيات الحاسوب الشخصي.
قفزة نحو المستقبل
تستطيع التكنولوجيا الهجينة أن تضمن مكانة الشركات في السوق مستقبلاً، وأن تكون مصدراً للتعلم أيضاً، من خلال إعطاء الشركة فرصة دراسة التكنولوجيا المدمرة ومعرفة آثاراها المحتملة، واكتساب معرفة شاملة عن السوق وتفضيلات العملاء، مما يعطيها الأفضلية عن المنافسين الذي تأخروا باللحاق بركاب التغيير. فعلى سبيل المثال، ليس مصادفة أن تنتج بعض أهم شركات الكمبيوتر النموذج الأولي للمعالجات – وهو جهاز هجين يجمع بين الآلات الكاتبة الكهربائية والنموذج الأولي للحاسوب الشخصي.
باستطاعة التكنولوجيا الهجينة أيضاً أن تساعد في إعداد العملاء لتحول وشيك في الصناعة. فحمل المستهلكين على تغيير عاداتهم أو رغباتهم يعتبر تحدياً. وتستطيع تحقيق ذلك عن طريق خلق منتجات تجمع عناصرها بين التكنولوجيا الحالية والجديدة، مما يتيح للعميل فرصة تجربة المزايا الممكن الحصول عليها من الابتكارات المدمرة، دون أن يكون مجبراً على التخلي عن خبراته السابقة. من المثير للاهتمام أن نجد نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يقودون سيارات كهربائية اليوم، قد سبق لهم وأن امتلكو سيارات تويوتا بريوس، وهي سيارة هجينة يجمع محركها بين خصائص  السيارات العادية و الكهربائية.
يتم استخدام التكنولوجيا الهجينة في بعض الحالات لمنع  تهديد تكنولوجيا أخرى ، من خلال توفير المنتج بأسعار مغرية مقابل الكفاءة، كما فعلت شركات الغاز مع المصابيح الهجينة.وبالمثل بالإمكان استخدام التكنولوجية الهجينة لإطالة عمر التكنولوجيا القديمة. فشركة كوداك على سبيل المثال، عدلت نظام طابعة الصور لكسب المزيد من الوقت قبل انتشار خدمات الطباعة الرقمية.
يتم استخدام التكنولوجيا الهجينة في أحيان أخرى لتلبية متطلبات سوق متخصصة. فمثلاً اعتمدت أجهزة مايكروسوفت سيرفس المذكورة أعلاه، شكل الكمبيوترات اللوحية  (سواء من حيث الحجم ، الشاشة التي تعمل باللمس وميزات أخرى)، ولكن على عكس جهاز أبل اللوحي، أبقت على قاعدة البرامج الموجودة في الكمبيوتر الشخصي. بالرغم من أن المنتج لا يتوافق مع رغبات السوق ككل ولكنه يلبي مطالب شريحة معينة (الذين يفضلون الأجهزة ذات الشاشات الصغيرة والوظائف المتعددة(.
أهمية عامل التوقيت
تهدف ابتكارات التكنولوجيا الهجينة إلى مساعدة الشركات على التكيف مع المشهد الجديد، والأهم من ذلك أنها تساعد القياديين في الشركات على تحقيق فهم أفضل لمعرفة الوقت الأنسب للانتقال إلى التكنولوجيا الجديدة. كما يمكن ان تستخدم في بعض الأحيان لتجنب ابتكار مدمر كلياً.
طرحت أنظمة الكمبيوتر MIPSفي عام 1984 معالجات دقيقة تستخدم تقنية تسمى آر أي إس سيRISC ، يعتبر هذا الابتكار الكلاسيكي المدمر أبسط وأسرع منشرائح سي أي أس سي  CISCالمستخدمة من قبل شركة إنتل الرائدة في هذه الصناعة.
جاء رد شركة انتل في عام 1995 عن طريق تقديم  بنتيومP6، وهي تكنولوجيا هجينة تجمع بين سمات كل منCISC وRISC، فابتكرت تكنولوجيا التي لا تزال تستخدم في معظم أجهزة الكمبيوتر حتى يومنا هذا. وبذلك تعطينا مثالاً ليس فقط عن تكنولوجيا هجينة تفوقت على تكنولوجيا مدمرة، بل على أهمية عامل التوقيت أيضاً. فعند ابتكار تكنولوجيا هجينة، لا تقتصر المعرفة المكتسبة فقط على التكنولوجيا المستخدمة، ولكن أيضا معرفة التوقيت المناسب لإحلالها، ويصبح بالإمكان تجنب الخطأ الشائع في القفز إلى تكنولوجيا جديدة بتوقيت سيء سواء كان مبكر أو متأخرا جدا. فشركة انتل انتظرت 11 عاما بعد طرح تقنية RISC لتقدم تكنولوجيا منافسة، فاستطاعت بهذا الشكل من تحقيق التوازن بين عامل التوقيت و الحصول على منتج ناجح.
 الحفاظ على الاستمرارية
تصور التكنولوجيا الهجينة عند مراجعة عملية التحول من تكنولوجيا لأخرى، على أنها مصنوعات يدوية بالية ومنتجات أنشأتها الشركة من غير إعداد كاف. ولكن بالرغم من ذلك فعند مواجهة هذا النوع من الابتكارات المدمرة تجد الشركات أنفسها أمام خيارين، إما أن تقوم بدور المتفرج، أو استثمار موارد كبيرة على أمل الحصول على منتج مناسب في التوقيت الصحيح – وهنا تبرز أهمية التكنولوجيا الهجينة كخيار ثالث. فابتكار تكنولوجيا هجينة أو نماذج عمل يعطي الشركات الفرصة للمشاركة في عملية التحول واختبار ما سيؤول إليه الوضع في المستقبل للقيام بالخيار الصحيح.
بالطبع سينظر إلى التكنولوجيا الهجينة على أنها مضيعة للموارد، في حال فشل الابتكارات المدمرة من استبدال التكنولوجيات القديمة. ولكن بحسب دراسة للأجيال الهجينة بعنوان: التراجع أو المضي في تبني إحلال التكنولوجيا،  شارك فيها دانييل سي سنو، الأستاذ المنتسب في إدارة الأعمال بجامعة بريغهام يونغ، فإن عدم القيام بأي خطوة على الإطلاق ينطوي على مخاطرة أكبر. فالتكلفة ستكون أقل في حال قرر المضي بتبني التكنولوجيا الجديدة، مادامت المعرفة المكتسبة لديها القدرة على تحسين المنتجات الحالية للشركة، ووضعها في وضع أفضل بالمقارنة مع المنافسين المتأخرين.
على هذا النحو، ينبغي أن ينظر للتكنولوجيا الهجينة باعتبارها أداة فعالة، ولكن يغفل المدراء الذي يواجهون صعوبات في العمل أو في تخطي المرحلة الانتقالية عن الأدوات المتاحة أمامهم. فبالاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الهجينة سيوفر للشركات مصدراً للمعرفة يساعدها على البقاء والازدهار في الأجيال القادمة.

توليد الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط

تُعتبر مشاركة القطاع الخاص في تطوير قطاع الطاقة المتجددة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أساسيةً نظراً لخبرته في تخفيض التكلفة و تحسين الفعالية . ولكن يجب أيضاً على حكومات المنطقة أن تلعب دوراً قيادياً لتنشيط القطاع و تشجيع الاستثمارات فيه عن طريق ما يلي:
·       تطوير إستراتيجية للطاقة المتجددة
يتطلّب وضع إستراتيجية الطاقة المتجددة أخذ العديد من العوامل بعين الاعتبار. يجب على الحكومات أن تقيّم مصادرها المتجددة وقدراتها التقنية. كما يجب أن تأخذ بعين الاعتبار الفوائد الاقتصادية الناتجة عن إيجاد قطاع صناعي قادر على تزويد مشاريع الطاقة المتجددة بالقطع و المعدات اللازمة بدل استيرادها. كذلك، يجب علي الحكومات أن تبدأ باستخدام نماذج التكنولوجيا والمشاريع التجريبية الصغيرة لئلا تكون الأخطاء الحتمية التي تحصل في المشاريع الجديدة عالية التكلفة. ويجب أن تنمو بسرعة عبر الانتقال إلى نطاق أوسع حالما تبرهن النماذج فعاليتها وكفاءتها، فتبدأ بإنشاء البنية التحتية ورأس المال البشري
·       وضع الأطر المؤسساتية المناسبة للطاقة المتجددة
في أغلبية بلدان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لا يوجد جهة مسؤولة واضحة على مستوى الحكومة تعنى بشؤون الطاقة المتجددة. يقول السيّد: "يجب على الحكومات أن تع هيئةً وتمكّنها لتقود وضع السياسات في هذا المجال وتتابع تطبيقها".
·       وضع سياسة مناسبة وإطار عمل تنظيمي لتعزيز تطوير الطاقة المتجددة واستخدامها
فبإمكان الحكومات وضع خطط العمل التنظيمي للسماح لمشاريع الطاقة المتجددة بالدخول في خطط كهذه، وكذلك ايجاد محفّزات تطلق إستثمارات الطاقة المتجددة وأن تروّج لمشاريع لا مركزية لتوليد الطاقة المتجددة. كما يجب على واضعي الأنظمة أن يأخذوا بعين الاعتبار منح الأفراد بعض الاستقلالية في نشاطات معينة كتركيب ألواح شمسية على أسطح المنازل.
·       مواجهة التحديات التقنية
بما أنّ توليد الطاقة من الرياح والمصادر الشمسية متقطّع، يجب ربط هذين المصدرين مع التوليد التقليدي للطاقة. يعلّق فيّاض على الموضوع قائلاً: "يمثّل هذا الأمر تحدياً تقنياً إلاّ أنّه تم تجاوزه بنجاح في مناطق أخرى من العالم."
·       بناء قدرات الأبحاث والتطوير وصقل المهارات المحلية
تحتاج صناعة الطاقة المتجددة إلى قوّة عاملة مؤهلة من التقنيين والمصممين والمهندسين. بالإضافة إلى ذلك، يعتمد قطاع الطاقة المتجددة بشكل كبير على الأبحاث والتطوير لإحراز التقدم في مجالات المواد والتكنولوجيا والتنفيذ. غالباً ما يكون الروّاد في قطاع الطاقة المتجددة على مقربة من معاهد البحوث العالمية
 
هل يقف العالم الغربي أمام تطور بدائل الطاقة المتجدّدة في الجزيرة والخليج؟
كانت منطقة الجزيرة والخليج العربي وما زالت, واحدة من أهم المناطق والبؤر الاستراتيجية على مستوى العالم, لأنها ارتبطت بالاكتشافات النفطية الكبيرة, ما جعل منها محط أنظار وتنافس الدول الكبرى من أجل استثمار النفط والعمل على تأمين مصادره وتدفقه إلى الأسواق العالمية, لكن في ظل الهواجس من فقدان هذه النعمة الفياضة, تطلب الحديث عن بدائل أخرى وفي مقدمتها الطاقة الشمسية, وتكمن الأهمية الجيوسياسية لمنطقة الخليج العربي باعتبارها مستودع طاقة العالم ما يزيد من أهميتها, ذلك أنها تملك أكبر مخزون احتياطي للنفط والغاز, ما يجعل مستقبل إمدادات الطاقة مرهونا بضمان أمنها واستقرارها, وحيث شهدت الفترة الأخيرة ازديادا ملحوظا في عدد البلدان التي راهنت على استخدام الطاقة القابلة للتجدد كعامل مهم في الاقتصاد العالمي وعلى البيئة مع استخدام السخانات الشمسية لتسخين المياه لمختلف الأغراض والتطبيقات العملية.
أهمية دور الدول النفطية في تطوير الطاقة المتجددة
تحتل الدول المنتجة للنفط اليوم مكانةً محورية بارزة في قطاع الطاقة العالمي الذي يشهد نمواً وطلباً متنامياً، وبإمكان هذه الدول المنتجة للنفط الحفاظ على الدور الريادي الذي تلعبه ضمن هذا القطاع الحيوي وتعزيزه من خلال تنويع مصادر الطاقة لتشمل وبشكلٍ متنامٍ الطاقة المتجددة.
ويعتبر الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة خطوةً منطقية بالنسبة للدول التي تعتمد اقتصاداتها بشكلٍ كبيرٍ على إنتاج وتصدير النفط والغاز، حيث سيساهم هذا الاستثمار في التحول من دول منتجة ومصدرة للنفط والغاز إلى لاعبٍ مهم في مجال الطاقة بشكلٍ عام.
كما ستساهم عملية الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة بتنويع اقتصادنا وتنمية وتطوير رأس المال البشري اللازم لبناء اقتصاد مستدام قائم على المعرفة.
ورغم استمرار هيمنة الوقود الأحفوري على سوق الطاقة خلال العقود القليلة القادمة، إلا أنه من الضروري جداً أن نضع قطاع الطاقة المتجددة نصب أعيننا.لذا فإن تنويع مصادر الطاقة لدينا لتشمل الطاقة المتجددة سيسمح لنا بالحفاظ على المصادر الهيدروكربونية واستخدامها لفترة أطول والاستفادة بذلك من الارتفاع المتوقع حدوثه لأسعار الوقود الأحفوري.
ومن خلال تأسيسنا لقطاع الطاقة المتجددة واهتمامنا بتطوير التقنيات النظيفة، فإننا سنسهم بشكلٍ فعال في عملية تنويع اقتصادنا ونصبح أقل اعتماداً على التقنيات المستوردة، وذلك من خلال العمل على تطوير هذه التقنيات محلياً وخلق فرص تصدير واسعة من شأنها المساهمة في تطوير اقتصادٍ مستدام قائم على المعرفة. ولضمان نجاح عملية تطوير صناعات الطاقة المتجددة في الدول المنتجة للنفط والغاز، فإن العمل بخطط وآليات مماثلة لتشجيع استخدام مصادر الطاقة المتجددة يعد أمراً ضرورياً من شأنه مساعدة تلك الدول على المنافسة في سوق الطاقة المتجددة وخفض التكاليف وتطوير التقنيات النظيفة.
وتلعب دولة الإمارات العربية المتحدة اليوم وبفضل عمق النظرة الثاقبة للقيادة الحكيمة دوراً ريادياً في مجال الطاقة المتجددة وقضايا تغير المناخ، حيث تكللت الجهود المبذولة بهذا الصدد بنجاح مساعي دولة الإمارات لاستضافة مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا) في أبوظبي.
وعلاوةً على ذلك، قامت دولة الإمارات في عام 2010 بتأسيس إدارة متخصصة في شؤون الطاقة وتغير المناخ ضمن وزارة الخارجية لضمان أن تحظى (أيرينا) بدعم مخصص من قبل دولة الإمارات ومتابعة أعمالها إضافة إلى تنظيم وتوحيد الجهود المحلية في شؤون تغير المناخ وحماية مصالح الدولة في مجال المفاوضات الدولية المتعلقة بتغير المناخ.
ويتمثل الهدف الذي يحتل صدارة أولويات الإدارة في ضمان دعوة دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جميع المحادثات المغلقة ذات الصلة بقضايا الطاقة وتغير المناخ، والحرص بأن تكون الجهات الدولية المعنية على علم باستراتيجيتنا الوطنية من أجل الحفاظ على دورنا الريادي في مجال الطاقة.
كما أصبحت أبوظبي اليوم منصةً عالمية للتعاون والنقاش العالمي حول مجالات الطاقة المتجددة وتغير المناخ، وذلك من خلال استضافتها للعديد من الأحداث والمؤتمرات الدولية الهامة كالقمة العالمية لطاقة المستقبل التي تعقد سنوياً في أبوظبي، ويعد الالتزام المطلق من قبل القيادة الرشيدة في دولة الإمارات بمجال الطاقة المتجددة خير دليلٍ على عمق نظرتها الاقتصادية وحرصها المستمر على قيادة الجهود الدولية الرامية إلى الحفاظ على البيئة.
آفاق أستخدام الطاقة الشمسية في الوطن العربي
إن البحث والمثابرة في إيجاد بدائل للطاقة ما هو إلا جزء مكمل لاستمرارية دور الدول العربية كدول مصدرة للطاقة والحفاظ على المستوى الاقتصادي الذي تنعم به هذه الدول الآن ومن أجل مواكبة بقية دول العالم في هذا المجال ، يقترح مراعاة مايلي:
§       الدعم المادي والمعنوي وتنشيط حركة البحث في مجالات . الطاقة الشمسية.
§       القيام بإنشاء بنك لمعلومات الإشعاع الشمسي ودرجات . الحرارة وشدة الرياح وكمية الغبار وغيرها من المعلومات الدورية الضرورية لاستخدام الطاقة الشمسية.
§       القيام بمشاريع رائدة وكبيرة نوعاً ما وعلى مستوى يفيد البلد . كمصدر آخر من الطاقة وتدريب الكوادر العربية عليها بالإضافة إلي عدم تكرارها بل تنويعها في البلدان العربية للاستفادة من جميع تطبيقات الطاقة الشمسية .
§       تنشيط طرق التبادل العلمي والمشورة العلمية بين البلدان . العربية وذلك عن طريق عقد الندوات واللقاءات الدورية .
§       تحديث دراسات استخدامات الطاقة الشمسية في الوطن . العربي وحصر وتقويم ما هو موجود منها.
§       تطبيق جميع سبل ترشيد الحفاظ على الطاقة ودراسة أفضل . طرقها بالإضافة إلي دعم المواطنين اللذين يستعملون الطاقة الشمسية في منازلهم.
§       تشجيع التعاون مع الدول المتقدمة في هذا المجال . والاستفادة من خبراتها على أن يكون ذلك مبنياً على أساس المساواة والمنفعة المتبادلة.
منشورات وزارة الطاقة الإماراتية

تجارب الصين الرائدة بتطوير مصادر الطاقة غير الأحفورية

د. سليمان الخطاف
تعتبر الصين وبسكانها 1.5 مليار نسمة أكبر مستهلك للطاقة بلا منازع، وأكبر منتج للطاقة الكهربائية بالعالم، وهذا أحد الأسباب التى جعلتها أكبر مصدر للانبعاثات الكربونية بسبب اعتمادها على حرق الوقود الأحفوري وخاصة الفحم لتوليد 64% من إجمالي الطاقة الكهربائية. 
والحقيقة أن تسارع نمو طلب الصين على الطاقة كان لافتا للنظر ويوحي بأنها أمام نهضة صناعية ومشروع سيغيّرها ويغيّر العالم معها.
أمريكا والصين أكبر دول العالم إنتاجا واستهلاكا للطاقة، ولو عملنا مقارنة بينهما باستهلاك الطاقة لوجدنا أن الاستهلاك الأمريكي لم يتغير كثيرا منذ عقود، بعكس الصين التى قفزت باستهلاك الطاقة على جميع دول العالم.
وعلى سبيل المثال فى عام 2003م، كانت أمريكا أكبر مستهلك ومنتج للطاقة فى العالم إذ استهلكت فى ذلك العام حوالي 2300 مليون طن نفط مكافئ، وجاءت الصين بالمرتبة الثانية عالمياً إذ وصل استهلاكها للطاقة حوالي 1000 مليون طن نفط مكافئ، أي حوالي 43% من الاستهلاك الأمريكي، وفي عام 2009م تعادل الاستهلاك الصيني والأمريكي للطاقة عند 2300 مليون طن نفط مكافئ.
لكن بعد 2009م بدأ طلب الصين على الطاقة يتسارع حتى تخطى الطلب الأمريكي ووصل الاستهلاك الصيني فى العام الماضي إلى حوالي 3014 مليون طن نفط مكافئ مقابل 2300 مليون طن نفط مكافئ للاستهلاك الأمريكي الذي لم يتغير. 
وهذا يعرض وبصورة واضحة كيف استطاعت أمريكا أن تكبح جماح نمو استهلاك الطاقة وتسيطر عليه، وفى المقابل نما الاستهلاك الصيني بسرعة متزايدة ولا أحد يدري متى سيصل إلى القمة. ومن أجل ذلك، فإن الصين بحاجة كبيرة لمصادر متنوعة من الطاقة حتى تلبي طلبها الهائل بدون تكاليف مادية باهظة تعطل نموها.
الفحم الحجرى هو أهم مصدر للطاقة في الصين، التي تملك ثالث أكبر احتياطى للفحم الحجرى بالعالم، ويعادل حوالي 13% من الاحتياطيات العالمية، ومن أجل ذلك وبسبب رخص سعر الفحم مقارنة بالنفط والغاز الطبيعى، فإن اعتماد الصين على الفحم في إنتاج الطاقة الكهربائية كان أساسيا ورافدا مهما للطاقة التى أشعلت ودفعت بقدرات الصين الصناعية إلى الأمام. ويبلغ استهلاك الصين للفحم حوالي نصف الطلب العالمي، وهذا يعني أن الصين هي أكبر مصدر لانبعاثات الكربون الضارة للبيئة. ولقد وصلت نسبة استهلاك الفحم فى مزيج الطاقة الصينى من عام 2005-2010م إلى حوالي 70%.
ولكن بعد 2010م بدأ استهلاك الصين الكبير للفحم بالانخفاض تدريجيا حتى أصبح فى عام 2015م يشكل 63% من مزيج الطاقة الصيني. ولقد انخفض استهلاك الصين بحوالي 40 مليون طن فى عامين. والحقيقة أن استهلاك العالم للفحم يشهد تراجعا ملحوظا بسبب تراجع استهلاك الصين وأمريكا إلا أن زيادة الاستهلاك من الهند وأندونيسيا ما زالت مؤثرة.
يبدو أن الصين قد قررت خفض الاعتماد على الفحم بسبب المشاكل البيئية، وبلا شك فإن اتفاقية باريس للمناخ التي صادقت عليها الصين مؤخراً للمحافظة على درجة حرارة الأرض من الارتفاع شكّلت عامل ضغط حثّ الصين على التقليل من انبعاثات الكربون.
وللوفاء بالتزامها ببنود الاتفاق، ستخفض الصين انبعاثات الكربون بمقدار 60 إلى 65% لكل وحدة من إجمالي الناتج المحلي بحلول عام 2030م عما كانت عليه في عام 2005م، كما ستزيد مصادر الوقود غير الأحفوري في استهلاك الطاقة الأساسية إلى نحو 20%. ولكن خفض استهلاك الفحم سيتطلب إيجاد مصادر أخرى للتعويض.
وتستهلك الصين حاليا ما يعادل 1920 مليون طن فحم سنويا. وعلى سبيل المثال، لو قررت الصين خفض استهلاكها للفحم إلى النصف فهذا يعني أنها تحتاج تعويض ذلك بمصادر أخرى. أي أنها بحاجة لمصادر متنوعة قادرة على إنتاج طاقة تعادل حوالي 1000 مليون طن نفط مكافئ على الأقل سنويا.
ولهذا فإن أمام الصين عدة خيارات لخفض انبعاثات الكربون من أهمها رفع اعتمادها على الغاز الطبيعى الذى يعتبر أقل مصادر الطاقة الأحفورية تلويثا للبيئة. والحقيقة أن الصين ترفع استهلاكها للغاز الطبيعى بوتيرة متسارعة وكما يعرض شكل 1 فإن نسبة الغاز الطبيعى في مزيج الطاقة الصيني قد تضاعفت في فترة عشر سنوات. 
وسيشهد المستقبل نموا كبيرا على استهلاك الغاز في الصين التي وقّعت اتفاقاً تاريخياً مع روسيا لاستيراد كميات كبيرة من الغاز الروسي عبر الأنابيب. ولكن من أهم ما سيؤثر على ارتفاع استهلاك الصين للغاز الطبيعى هو امتلاكها لاحتياطيات هائلة من الغاز الصخري.
وكما يعرض جدول1 فإن الاحتياطيات الصينية من الغاز الطبيعي الصخري هى الأكبر في العالم وتعادل احتياطيات روسيا من الغاز التقليدي، وتعادل أيضا مجموع الاحتياطيات الأمريكية للغاز الصخري والتقليدي معا.
وبسبب الغاز الصخري سوف ترفع الصين إنتاجها من الغاز الطبيعي بشكل ملحوظ بحلول عام 2020م. وتنتج الصين حاليا حوالي 138 بليون متر مكعب سنويا من الغاز الطبيعي، منها حوالي 2 بليون متر مكعب غاز صخري.
وتعتمد الصين حاليا اعتماداً مهماً على مصادر الطاقة البديلة عن الطاقة الأحفورية كالتالي:
1-   الطاقة النووية
تبلغ نسبة الطاقة النووية في مزيج الطاقة الصينية 1.3% ولكن ينمو إنتاج واستهلاك الطاقة النووية بالصين بشكل لا مثيل له بين دول العالم. ففي عام 2005م كانت الصين رقم 12 بين دول العالم من حيث إنتاج واستهلاك الطاقة النووية.
أما حاليا فتتقدم الصين إلى المركز الرابع وتصبح كمية الطاقة النووية التي تستهلكها تعادل 40 مليون طن نفط مكافئ سنويا، وهي بذلك تأتي بعد أمريكا وفرنسا وقريبة من روسيا التي تبلغ كمية الطاقة النووية التي تستهلكها 44 مليون طن نفط مكافئ سنويا. وهذا يعني أن الصين ستصبح قريبا ثالث أكبر دولة بالعالم من حيث استهلاك الطاقة النووية.
والجدير بالذكر أن نمو استهلاك الصين للطاقة النووية بين 2014-2015م وصل إلى حوالي 29%.
استهلكت الصين في عام 2014م طاقة نووية تعادل حوالي 30 مليون طن نفط مكافئ وارتفع هذا الاستهلاك في عام 2015م إلى 39 مليون طن نفط مكافئ. في سنة واحدة رفعت استهلاكها بحوالي 9 ملايين طن نفط مكافئ. والجدير بالذكر أن استهلاك أمريكا وفرنسا (أكبر دولتين بإنتاج الطاقة النووية) ثابت ولم يزدد منذ عام 2005م. وعليه يمكن القول: إن الصين هي صاحبة أكبر نمو في استهلاك الطاقة النووية وبفارق كبير عن الدول الأخرى.
2-   الطاقة الكهرومائية
في عام 2005م كانت الصين تستهلك 13% من إجمالي إنتاج العالم للطاقة من المصبات المائية. ارتفعت هذه النسبة في 2015م إلى 30%. حاليا تنتج الصين سنويا طاقة تعادل حوالي 255 مليون طن نفط مكافئ من المصبات المائية، وتأتي كندا ثانيا باستهلاك ما يعادل 87 مليون طن نفط مكافئ سنويا، ويمكن للقارئ أن يلحظ الفارق بين الصين وكندا.
في عشر سنوات فقط رفعت الصين استهلاكها للطاقة المائية من 90 مليون طن نفط إلى 255 مليون طن نفط مكافئ. ورغم وجود الأنهار بالبرازيل الكبيرة إلا أن استهلاكها لا يتعدى ما يعادل 80 مليون طن نفط مكافئ سنويا. وتبلغ نسبة الطاقة الكهرومائية 8.5% في مزيج الطاقة الصينية.
3-   طاقة الرياح
تطورت قدرة العالم لتوليد الكهرباء من طاقة الرياح بسرعة كبيرة ما بين 2005م حيث كانت 59 جيجاوات فقط، وعام 2015م عندما وصلت الى 433 جيجاوات، أي أنها ارتفعت سبعة أضعاف في عشر سنوات. وتتصدر الصين قائمة الدول المنتجة لطاقة الرياح وبدون منازع، وتملك الصين حاليا وحدها أكثر من ثلث قدرة العالم على توليد الطاقة من الرياح. وقد رفعت الصين قدرتها ما بين 2014 و2015م بحوالي 31 جيجاوات (في سنة واحدة). وتقدر حاليا قدرة الصين في توليد الطاقة من الرياح بحوالي 145 جيجاوات وتأتي أمريكا بعدها بحوالي 75 جيجاوات، أي حوالي نصف قدرة الصين.
4-   الطاقة الشمسية
ارتفعت قدرة العالم على توليد الكهرباء بواسطة الطاقة الشمسية 45 ضعفاً في آخر عشر سنوات. ولقد رفعت الصين قدرتها لتوليد الكهرباء من الشمس في آخر 3 سنوات بحوالي 40 جيجاوات كما يعرض شكل 2. وكانت ألمانيا تتصدر العالم بامتلاكها أكبر قدرة بين دول العالم وحتى 2014م. في عام 2015م استطاعت الصين أن تضيف 15 جيجاوات وأصبح إجمالي قدرتها على توليد الطاقة الكهربائية من الشمس في العام الماضي 45 جيجاوات مقابل 41 جيجاوات لألمانيا و36 جيجاوات لليابان. والجدير بالذكر أنه في عام 2012م كانت قدرة ألمانيا 33 جيجاوات وقدرة الصين 6.5 جيجاوات فقط، وهذه من أهم الإنجازات التي تحسب للصين في مجال الطاقة المتجددة.
وفي الختام، الحقيقة أن تجربة الصين في تطوير الطاقة المتجددة رائدة وجديرة بالاهتمام والتقدير، وتعد مثالا يحتذى به. حاليا تنتج الصين لوحدها ربع الطاقة المتجددة بالعالم بعد أن كانت في عام 2005م تنتج 13% فقط معظمها من مساقط المياه (شكل 3).
في المقابل، فإن المملكة تحتاج إلى تطوير مصادر الطاقة المتجددة للمحافظة على ثرواتها الأحفورية من النفط والغاز. وحاليا في المملكة يتم حرق كميات كبيرة من هذين المصدرين الناضبين لتوفير الكهرباء للمواطنين والمقيمين بأسعار زهيدة. وقد آن الأوان للاستفادة من المصادر الأخرى وبسرعة كما فعلت الصين في السنوات الثلاث الأخيرة عندما أذهلت العالم بقفزاتها في مجال الطاقة المتجددة. المملكة غنية جدا بالأماكن التي تنفع لاستغلالها لإنتاج الطاقة من الشمس والرياح. وبإمكان التعاون مع الصين في هذا المجال، نظرا للحقائق والأرقام اللافتة للنظر، أن يساعد على المضي قدما في تحقيق إنجازات رائدة في مجال الطاقة المتجددة بالمملكة.
 
 
 
 
نقلا عن اليوم
8 سبتمبر 2016

النفط الصخري والتقليدي حرب لا تهدأ.. محاولة للفهم

احمد رمزي
لاتزال الحرب النفطية بين المنتجين مشتعلة لا تهدأ، فرغم انخفاض الأسعار لمستويات متدنية، إلا أن المنتجين يواصلون العمل وضخّ كميات متزايدة للسوق النفطية.
ولم تكن تلك الحرب إلا بحثاً عن التمسك بالحصة السوقية، التي تأثرت بمخاوف متعددة طيلة الفترة الماضية، من دخول الإنتاج الإيراني -بعد رفع العقوبات-، وزيادة إنتاج النفط الصخري المنافس الأهم للنفط التقليدي.
وشهدت الفترة الماضية اشتعال الحرب بين قطبي النفط، الصخري والتقليدي، وازدادت حدّتها مع مرور الوقت لتفرز واقعاً نفطياً جديداً، يحاول أن يغيّر من الخريطة العالمية.. فمن الفائز في تلك الحرب؟ ومتى بدأت؟ وإلى أين وصلت الآن؟
النفط الصخري.. الوافد القديم
النفط الصخري هو نوع من أنواع النفط الخفيف الأقل سيولة من النفط الخام الأحفوري، ويتم إنتاجه من صخور تحتوي ترسبات مادة الكيروجين يتم تحويلها بالحرارة إلى سائل هيدروكربوني بديل للنفط الخام، وتختلف خصائصه حسب تكوين الصخور الرسوبية في باطن الأرض.
كتب عنه أحد الفيزيائيين الأوروبيين عام 1596م، وكان يُستخدم لإنارة شوارع مدينة مودينا الإيطالية في القرن السابع عشر، وتم استخدامه قبل الحرب العالمية الثانية كوقود نقل، ثم تطور استخدامه كمادة خام للأوساط الكيميائية وكمادة حافظة للخشب في  السكك الحديدية، واعتباراً من عام 2008 أصبح يُستخدم في التدفئة في المقام الأول.
الآثار البيئية السلبية من الاستخراج
يتم استخراج النفط الصخري من تشكيلات الصخور الرسوبية التي تكونت في باطن الأرض بطريقة التكسير الهيدروليكي، وذلك بحفر الآبار رأسياً ثم أفقياً مع استخدام الماء والمواد الكيماوية وخليط من الرمل، وتتطلب عملية تفتيت الصخور ضخّ كميات كبيرة من الماء تُقدَّر بحوالي 7 إلى 23 مليون لتر من المياه، أي ما يعادل تقريباً 5 براميل ماء لكل برميل نفط.
ويعود استخدام المياه بهذه الكمية إلى التلوث البيئي الناتج عن استخراج النفط الصخري؛ ففي الولايات المتحدة تحديداً تم رفض استخراجه من قِبل العديد من المنظمات البيئية، لما يسببه من تلوث في الهواء نظراً لأن أجهزة التنقيب والحفر تنبعث منها الغازات الضارة، كما أن استخدام كميات كبيرة من الأنهار خلال عملية الحفر يؤدي إلى التقليل من منسوب مياه الأنهار، وبالتالي يؤثر على عملية التنوع الحيوي، ما يسبب موت بعض الكائنات الحية وبالتالي انقراضها .
ورغم تلك المخاطر، إلا أن الولايات المتحدة هي ثاني أكبر دول تحتوي على احتياطي من النفط الصخري، وتُقدَّر مواردها بحوالي 58 مليار برميل، أي ما يعادل 16.8% من إجمالي الموارد المتاحة من النفط الصخري في العالم، وسبقتها روسيا في المركز الأول بنحو 75 مليار برميل بنسبة تبلغ 21.7% من إجمالي الموارد المتاحة من النفط الصخري في العالم.
 
أوبك تسبح ضد التيار
ومع زيادة الإنتاج النفطي بشكل عام، والتوقعات بارتفاع الإمدادات، ودخول النفط الإيراني إلى الأسواق بعد إبرام اتفاقها مع الدول الكبرى، بالإضافة لارتفاع سعر الدولار على نطاق واسع أمام العملات الرئيسية، وتباطؤ الاقتصاد الصيني، حيث أن كل  نقطة مئوية تنخفض من الناتج المحلي الصيني يقابلها تراجع بواقع 0.2 نقطة مئوية في الناتج المحلي الإجمالي للعالم، انهارت أسعار النفط بشكل كبير.
ومع هذا الانهيار في أسعار النفط، تنبّأ كثيرون بقيام منظمة البلدان المصدرة للنفط "أوبك" بخفض إنتاجها، محاولةً منها لتخفيض المعروض لتعود الأسعار لارتفاعها بشكل تدريجي مرةً أخرى، خصوصاً وأن غالبية البلدان المصدرة للنفط تعتمد موازنتها  بشكل كبير على مبيعات النفط.
إلا أن قرار المنظمة في نوفمبر من عام 2014 كان صادماً للعديد من المتابعين، حيث قررت عدم خفض إنتاجها البالغ 30 مليون برميل يومياً، بل وأيضاً أعلنت عدم نيتها القيام بذلك حتى لو انخفض سعر النفط إلى 20 دولاراً أمريكياً للبرميل الواحد.
وعزت المنظمة آنذاك هذا القرار إلى التخوف من انخفاض حصتها في السوق، وأنها لا تنوي تكرار ما حدث في الثمانينيات عندما خفّضت الإنتاج، فخسرت زبائنها، واستمرت الأسعار في الانخفاض، بل وزادت على ذلك بأن وسّعت السعودية -ثاني أكبر منتجي النفط في العالم واللاعب الرئيسي في منظمة "أوبك" بحصة تصل إلى 33% من إنتاج المنظمة- من نطاق صادرتها، لتستورد منها العديد من دول أوروبا.
وعززت السعودية ببطء حصتها في أوروبا، التي بلغت 8.6% في 2013، لكنها لم تدخل السوق البولندية إلا أخيراً، وتُعد بولندا كسائر أوروبا الشرقية سوقاً تقليدية للنفط الروسي، لتستوردت ثلاثة أرباع وارداتها النفطية من روسيا، والربع الباقي من كازاخستان ودول أوروبية.
تكاليف الاستخراج والحسم
ومع الانهيار المتواصل لأسعار النفط واستمرار السعودية ودول "أوبك" في سياستها، أرجأت شركات النفط مشاريع تصل قيمتها إلى 200 مليار دولار، منها مشاريع صعبة وعالية التكلفة، مثل رمال النفط الكندية ومشاريع في المياه العميقة.
ويبدو أن كفة الحرب النفطية بدأت تميل تجاه النفط التقليدي، الذي تتراوح تكلفة استخراجه في السعودية ودول الشرق الأوسط -بحسب دراسة أعدتها مؤسسة "Natixis"- بين 3 و14 دولاراً أمريكياً للبرميل وحوالي 57 دولاراً أمريكياً للبرميل في الولايات المتحدة الأمريكية، بينما تقفز هذه التكلفة للنفط الصخري المستخرج في الولايات المتحدة إلى 73 دولاراً أمريكياً، بالإضافة إلى 12 دولاراً تكاليف النقل.
والجدول التالي يوضح مقارنة بين تكلفة التنقيب عن بعض أنواع النفوط حول العالم:
 
وعمّق هذا الانخفاض خسائر منتجي النفط الصخري، نظراً لأن تكلفة إنتاجه أصبحت غير مجدية أمام تهاوي أسعار النفط، وعدم رضوخ دول "أوبك" تجاه خفض الإنتاج، الأمر الذي كبّد 40 شركة منتجة للنفط في الولايات المتحدة الأمريكية خسائر قُدّرت بـ67 مليار دولار في عام 2015، كما زادت ديون شركات النفط والغاز الأمريكية إجمالاً من 81 مليار دولار ينهاية 2010 إلى 169 مليار دولار بنهاية يونيو الماضي.
وأشهرت 150 من شركات النفط وخدماته في أمريكات الشمالية إفلاسها، منذ بداية عام 2015، وتتوقع وكالة "فيتش" تخلّف أكثر من ثلث الديون ذات التصنيف الضعيف "خردة" التي حصلت عليها الشركات النفطية الأمريكية أثناء ارتفاع أسعار النفط.
وهذا يعني أن الدائنين المستقلين الذي غامروا بإقراض شركات النفط الصخري قد يخسرون 40 مليار دولار، من أصل 110 مليارات دولار أقرضوها لها عندما كانت الأسعار فوق 100 دولار.
وكانت هذه الخسائر مدعاة لتخفيض شركات النفط الصخري لإنتاجها، فبحسب تقرير لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية، تراجع انتاج الولايات المتحدة من النفط الصخري للشهر الثامن على التوالي في يونيو الماضي مع تفاقم الضغوط الناجمة عن انهيار أسعار الخام لعامين.
من الفائز إذا؟
ترى العديد من بيوت الخبرة العالمية أن السعودية نجحت مرة أخرى في كسب الحرب النفطية، مثلما حدث في ثمانينات القرن الماضي، وتوقعت أن تصبح نصف مشاريع استخراج النفط حول العالم غير جذابة من ناحية الجدوى الاقتصادية، في حال بقاء أسعار النفط الخام عند مستوى أقل من 50 دولاراً للبرميل.
ومع هذه التوقعات، نشرت وكالة أنباء "بلومبرغ" تقريراً تؤكد فيه أن السعودية هي الفائز في هذه الحرب النفطية، معتمدة في ذلك على توقعات وكالة الطاقة الدولية بانخفاض إنتاج الولايات المتحدة الأمريكية من النفط الصخري بما يقارب 400 ألف برميل يومياً، وسيؤدي هذا التراجع إلى انخفاض الإنتاج بحوالي 500 ألف برميل يومياً خارج منظمة "أوبك" في عام 2016.
وهذا الانخفاض المتوقع في الإنتاج الأمريكي يعد أمراً طبيعياً، في ظل تراجع منصات التنقيب عن النفط في الولايات المتحدة بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، حيث كشفت بيانات شركة "بيكرهيوز" عن إيقاف 963 منصة إجمالاً في 2015، وهو أول خفض سنوي لعدد المنصات منذ عام 2002، والأكبر سنوياً منذ عام 1988 على الأقل.
 المصدر: بيانات شركة بيكر هيوز
ويمكن أن تكون المفاجأة في نجاح شركات النفط الصخري في تخطي عقبة انخفاض الأسعار بتخفيض التكاليف، حيث نشرت صحيفة "ديلي تيليجراف" البريطانية تقريراً، نقلت فيه عن منتدي الطاقة "سيرا ويك" في هيوستن، أن شركات النفط الصخري قد تكون قادرة على تخفيض تكاليف استخراج النفط بنسبة 45% خلال هذا العام، ليس بسبب التحول التكتيكي لاستخراج النفط من الآبار ذات العوائد المرتفعة، ولكن عبر استخدام منصات حفر ذكية مزودة برقائق كمبيوتر قادرة على تحديد مواقع التشققات في الصخر عوضاً عن الحفر في طبقات الصخر السميكة.
وقال "جون هيس" رئيس شركة "هيس" النفطية أن الشركة استطاعت تخفيض تكاليف الحفر بنسبة 50%، وتسعى حاليا لتخفيض التكاليف بنسبة 30% أيضاً.
وعلى الجانب الآخر، تشير توقعات شركة النفط البريطانية العملاقة "بي.بي" إلى تضاعف إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة على مدى العشرين عاما المقبلة رغم هبوط الأسعار نتيجة تطوير تقنيات الحفر، مما يبقي المعركة مشتعلة، لم تمِل كفتها إلى أيٍّ من المحاربين فيها، وينتظر الجميع نتائجها التي ستظهر مع مرور الوقت.
 
نقلا عن ألفابيتا
06/09/2016http://alphabeta.argaam.com/content/images/blank.gif
 

قصة النفط في الكويت