التكنولوجيا الهجينة قفزة نحو المستقبل

 
 
ناثان فر، أستاذ مساعد في الاستراتيجية بكلية إنسياد.
عند مواجهة تحول غير واضح الملامح يهدد صناعة معينة، المجازفة أو البقاء بموقع المتفرج ليست الخيارات الوحيدة المتاحة.
يسهل على الشركات تقييم آثار الابتكارات. ولكن اتخاذ القرارالصائب لمواجهة تهديد تكنولوجيا جديدة تغير ملامح الصناعة، قد يكون واحدا من أهم التحديات التي تواجهها الشركة.
يتوجب على صناع القرار في الشركات تقدير المدة الزمنية التي سيستغرقها الابتكار المرتقب، وليس فقط المبادرة إلى تخمين فرص تبني هذه التكنولوجيا في عالم الأعمال ومدى تقبل المستهلكينلها. فمن الأخطاء الشائعة النظر إلى الثورات التكنولوجية على أنها تقوم بتدمير جميع مظاهر التكنولوجيا التي سبقتها. وهنا يبقى الاحتمال الأكبر أن يستغرق حدوث هذا التحول سنوات وربما عقود.فمن المستحيل معرفة كيفية تطور هذا التحول وتوقيت اكتماله، ولكن سيكون من السهل على الشركات المشاركة في عملية التحول هذه.
يعد الاستثمار في الأجيال الهجينة – وهوالابتكار الذي يجمع بين منتجات أو خدمات أو نماذج عمل جديدة مع أخرى حالية، هو الوسيلة الأمثل لإدارة هذه المرحلة الانتقالية المجهولة المعالم والمساعدة على رسم ملامح التغيير القادم. ومن الأمثلة على ذلك، كاميرات (إس إل آر) الرقمية، والسيارات الكهربائية والتي تعمل بالغاز، وأنظمة الحوسبة السحابية الهجينة، ومايكروسوفت سيرفس الذي يجمع بين الكمبيوتر اللوحي وبرمجيات الحاسوب الشخصي.
قفزة نحو المستقبل
تستطيع التكنولوجيا الهجينة أن تضمن مكانة الشركات في السوق مستقبلاً، وأن تكون مصدراً للتعلم أيضاً، من خلال إعطاء الشركة فرصة دراسة التكنولوجيا المدمرة ومعرفة آثاراها المحتملة، واكتساب معرفة شاملة عن السوق وتفضيلات العملاء، مما يعطيها الأفضلية عن المنافسين الذي تأخروا باللحاق بركاب التغيير. فعلى سبيل المثال، ليس مصادفة أن تنتج بعض أهم شركات الكمبيوتر النموذج الأولي للمعالجات – وهو جهاز هجين يجمع بين الآلات الكاتبة الكهربائية والنموذج الأولي للحاسوب الشخصي.
باستطاعة التكنولوجيا الهجينة أيضاً أن تساعد في إعداد العملاء لتحول وشيك في الصناعة. فحمل المستهلكين على تغيير عاداتهم أو رغباتهم يعتبر تحدياً. وتستطيع تحقيق ذلك عن طريق خلق منتجات تجمع عناصرها بين التكنولوجيا الحالية والجديدة، مما يتيح للعميل فرصة تجربة المزايا الممكن الحصول عليها من الابتكارات المدمرة، دون أن يكون مجبراً على التخلي عن خبراته السابقة. من المثير للاهتمام أن نجد نسبة كبيرة من الأشخاص الذين يقودون سيارات كهربائية اليوم، قد سبق لهم وأن امتلكو سيارات تويوتا بريوس، وهي سيارة هجينة يجمع محركها بين خصائص  السيارات العادية و الكهربائية.
يتم استخدام التكنولوجيا الهجينة في بعض الحالات لمنع  تهديد تكنولوجيا أخرى ، من خلال توفير المنتج بأسعار مغرية مقابل الكفاءة، كما فعلت شركات الغاز مع المصابيح الهجينة.وبالمثل بالإمكان استخدام التكنولوجية الهجينة لإطالة عمر التكنولوجيا القديمة. فشركة كوداك على سبيل المثال، عدلت نظام طابعة الصور لكسب المزيد من الوقت قبل انتشار خدمات الطباعة الرقمية.
يتم استخدام التكنولوجيا الهجينة في أحيان أخرى لتلبية متطلبات سوق متخصصة. فمثلاً اعتمدت أجهزة مايكروسوفت سيرفس المذكورة أعلاه، شكل الكمبيوترات اللوحية  (سواء من حيث الحجم ، الشاشة التي تعمل باللمس وميزات أخرى)، ولكن على عكس جهاز أبل اللوحي، أبقت على قاعدة البرامج الموجودة في الكمبيوتر الشخصي. بالرغم من أن المنتج لا يتوافق مع رغبات السوق ككل ولكنه يلبي مطالب شريحة معينة (الذين يفضلون الأجهزة ذات الشاشات الصغيرة والوظائف المتعددة(.
أهمية عامل التوقيت
تهدف ابتكارات التكنولوجيا الهجينة إلى مساعدة الشركات على التكيف مع المشهد الجديد، والأهم من ذلك أنها تساعد القياديين في الشركات على تحقيق فهم أفضل لمعرفة الوقت الأنسب للانتقال إلى التكنولوجيا الجديدة. كما يمكن ان تستخدم في بعض الأحيان لتجنب ابتكار مدمر كلياً.
طرحت أنظمة الكمبيوتر MIPSفي عام 1984 معالجات دقيقة تستخدم تقنية تسمى آر أي إس سيRISC ، يعتبر هذا الابتكار الكلاسيكي المدمر أبسط وأسرع منشرائح سي أي أس سي  CISCالمستخدمة من قبل شركة إنتل الرائدة في هذه الصناعة.
جاء رد شركة انتل في عام 1995 عن طريق تقديم  بنتيومP6، وهي تكنولوجيا هجينة تجمع بين سمات كل منCISC وRISC، فابتكرت تكنولوجيا التي لا تزال تستخدم في معظم أجهزة الكمبيوتر حتى يومنا هذا. وبذلك تعطينا مثالاً ليس فقط عن تكنولوجيا هجينة تفوقت على تكنولوجيا مدمرة، بل على أهمية عامل التوقيت أيضاً. فعند ابتكار تكنولوجيا هجينة، لا تقتصر المعرفة المكتسبة فقط على التكنولوجيا المستخدمة، ولكن أيضا معرفة التوقيت المناسب لإحلالها، ويصبح بالإمكان تجنب الخطأ الشائع في القفز إلى تكنولوجيا جديدة بتوقيت سيء سواء كان مبكر أو متأخرا جدا. فشركة انتل انتظرت 11 عاما بعد طرح تقنية RISC لتقدم تكنولوجيا منافسة، فاستطاعت بهذا الشكل من تحقيق التوازن بين عامل التوقيت و الحصول على منتج ناجح.
 الحفاظ على الاستمرارية
تصور التكنولوجيا الهجينة عند مراجعة عملية التحول من تكنولوجيا لأخرى، على أنها مصنوعات يدوية بالية ومنتجات أنشأتها الشركة من غير إعداد كاف. ولكن بالرغم من ذلك فعند مواجهة هذا النوع من الابتكارات المدمرة تجد الشركات أنفسها أمام خيارين، إما أن تقوم بدور المتفرج، أو استثمار موارد كبيرة على أمل الحصول على منتج مناسب في التوقيت الصحيح – وهنا تبرز أهمية التكنولوجيا الهجينة كخيار ثالث. فابتكار تكنولوجيا هجينة أو نماذج عمل يعطي الشركات الفرصة للمشاركة في عملية التحول واختبار ما سيؤول إليه الوضع في المستقبل للقيام بالخيار الصحيح.
بالطبع سينظر إلى التكنولوجيا الهجينة على أنها مضيعة للموارد، في حال فشل الابتكارات المدمرة من استبدال التكنولوجيات القديمة. ولكن بحسب دراسة للأجيال الهجينة بعنوان: التراجع أو المضي في تبني إحلال التكنولوجيا،  شارك فيها دانييل سي سنو، الأستاذ المنتسب في إدارة الأعمال بجامعة بريغهام يونغ، فإن عدم القيام بأي خطوة على الإطلاق ينطوي على مخاطرة أكبر. فالتكلفة ستكون أقل في حال قرر المضي بتبني التكنولوجيا الجديدة، مادامت المعرفة المكتسبة لديها القدرة على تحسين المنتجات الحالية للشركة، ووضعها في وضع أفضل بالمقارنة مع المنافسين المتأخرين.
على هذا النحو، ينبغي أن ينظر للتكنولوجيا الهجينة باعتبارها أداة فعالة، ولكن يغفل المدراء الذي يواجهون صعوبات في العمل أو في تخطي المرحلة الانتقالية عن الأدوات المتاحة أمامهم. فبالاستخدام الأمثل للتكنولوجيا الهجينة سيوفر للشركات مصدراً للمعرفة يساعدها على البقاء والازدهار في الأجيال القادمة.


الإبتساماتإخفاء